ومسايرته لمختلف الطبقات ، كان يتحفظ في كتاباته فلا يظهر عليه تطرف ، ففي نفس الفترة والبيئة نرى حتى الطبرسي يلتزم التحفظ في تفسير مجمع البيان. ففي نيسابور في تلك الفترة قتل العالم الجليل والواعظ البارع الفتال النيسابوري صاحب روضة الواعظين ، قتله رئيس نيسابور شهاب الإسلام عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق المتوفى سنة ٥١٥ ه ، ابن أخي نظام الملك ، قتله سنة ٥٠٨ ه على الرفض.
على أن البيهقي لم يدّعه مؤلفو الطبقات لا في طبقات الحنيفة ولا الشافعية ولا نسبه مترجموه إلى أحد المذاهب الأربعة.
ولكن أصحابنا عدّوه من أنفسهم وترجموا له في كتبهم ، فقد شهد بتشيعه معاصره الجليل ومعاشره عبد الجليل الرازي في كتابه النقض الذي ألفه بالري سنة ٥٥٢ ه عند المباهاة والمفاخرة بالغرر والأوضاح من كبار أعلام الطائفة في عصره حيث قال : (ومن من متبحري علمائنا المتأخرين ... الإمام أبو الحسن الفريد) (ص ٢١٢).
وعده معاصره الآخر ابن شهر آشوب (٤٨٩ ـ ٥٨٨ ه) من أعلام الطائفة فترجم له ولأبيه في معالم العلماء (٥١ ، ٥٢) (١). ونجده مترجما هو وأبوه في كثير من كتب التراجم الشيعية كرياض العلماء وأمل الآمل وخاتمة المستدرك وأعيان الشيعة وطبقات أعلام الشيعة ومعجم رجال الحديث وغيرها (٢). بينما نرى غيرنا أهملوه فلم يترجموه ، إلا ياقوتا والذهبي والصفدي. وترجم له ابن خلكان تبعا في ترجمة الباخرزي.
__________________
(١) نضيف إلى ذلك قول ابن شهر آشوب في مقدمة كتابه مناقب آل أبي طالب (١ / ١٤): «فأما أسانيد كتب أصحابنا ... وناولني أبو الحسن البيهقي حلية الأشراف». وهذا الكتاب من مؤلفات والد أبي الحسن البيهقي ونعني به أبا القاسم زيد بن محمد المتوفى سنة ٥١٧ ه ، ولذلك يقول آقا بزرك الطهراني إن المراد ب «ناولني» هو أبو القاسم زيد لأن المناولة تكون من المؤلف اصطلاحا (الذريعة ، ٧ / ٨٠)
(٢) هذه مراجع متأخرة اعتمدت في آرائها على مصادر قديمة. لذا فإن البحث ينبغي أن يتناول المصادر المتقدمة في الدرجة الأولى.