وإزعاج الناس من الرساتيق ، من غرة شوال سنة ثمان وأربعين إلى منتصف صفر سنة تسع وأربعين وخمس مئة ، وقد كان القتال في هذه المدة متواترا ، والقحط متقاطرا ، والبلاء متراكما ، وقد هلك ثلثا الناس من أعلى الناحية في هاتين السنتين ، حتى إنه لم يبق أكثر من سبعة عشر رجلا في قرية راز التي كان فيها ألف شخص ، وكذلك الأمر في قرية باغن ، وقرية ششتمد في ربع زميج.
ثم إنه حدث بعد ذلك في سنة تسع وأربعين وسنة خمسين وخمس مئة قحط ووباء ، وأصبح الطعام عزيزا ، وقد ذكر لي ـ وكنت آنذاك غائبا عن الناحية ومقيما بنيسابور (١) ـ أنهم كانوا يحملون إلى المقابر ما يزيد على خمسين جنازة في كل يوم ، وما زالت آثار الخراب وقلّة الناس ظاهرة في المدينة ونواحيها.
واقعة : مجيء أمراء الغزّ بالجيش الجرار بقيادة الملك المعظم جلال الدين محمد بن السلطان محمود بن محمد بن بغراخان إلى القصبة ، ووقوع الحرب والقتال وبين العشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وخمس مئة حتى السابع والعشرين منه ، وكانوا قد [٢٧٢] جاءوا قبل هذا التاريخ ، إلا أن الحرب كانت متواصلة في تلك الأيام السبعة.
واقعة : ورود الأمير بوري برس بن قاريغ حاكما للناحية من قبل خوارزم شاه الملك العادل آتسز بن محمد ، وتغيير الخطبة والنقود ، من يوم الجمعة غرة ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمس مئة إلى الحادي والعشرين من ذي الحجة.
واقعة : وصول خوارزم شاه ينالتكين بن محمد إلى قصبة فريومد ، وإغارته عليها ، وإحراقه الشجرة التي كان زردشت صاحب المجوس قد زرعها بموجب الطالع ، والتي لم يكن باستطاعة الملوك النظر إليها ، وكل من نظر إليها ، لم يعمر بعدها طويلا ،
__________________
(١) في معجم الأدباء (٤ / ١٧٦٢) قول البيهقيّ نفسه : «فألقيت العصا بنيسابور وأقمت بها إلى غرّة رجب سنة تسع وأربعين وخمس مئة ، ثم ارتحلت عنها لزيارة والدتي».