واقعة : لما وصل سباشي ـ الذي كان أمير خراسان من قبل السلطان مسعود بن محمود ـ مع مئة ألف فارس ومئتي فيل إلى خراسان التي كان فيها آنذاك قحط أدى إلى انعدام العلف والمحاصيل ، وهاجمه الإخوة الثلاثة جغري وطغرل ويبغو ، ذهب من هناك إلى جرجان لأجل الحصول على العلف ، وقد ذكر أنه مرت سنوات على بيهق لم يكن فيها زراعة ولا حصاد ، ثم إن سباشي هزم على يد جغري في الخامس والعشرين من شعبان سنة ثمان وعشرين وأربع مئة ، فأرسل السلطان مسعود حاجبا مع تمام العدة والعدد ، فجاء هذا الحاجب وعسكر في أعلى رستاق بيهق ، وكانت هناك أشجار كثيرة للفستق في قرى إيزي وجلّين ونوقاريز ، وكان الفصل شتاء ، فاستخدم الحاجب خشب تلك الأشجار للوقود ، وامتدت أيدي جنوده بالنهب والإغارة ، بعد أن أصدر أوامره بقلع تلك الأشجار قائلا إن في خشبها دهنا يجعلها تحترق جيدا ، ثم حملت حزم تلك الأخشاب على ظهور الإبل إلى غزنة ، وقد أطلق أهل خراسان لقب الحاجب الكنّاس عليه.
[٢٧٤] حكاية : روى جدي شيخ الإسلام أميرك : ذهبت يوما إلى سباشي ، وكان في دار الإمارة بشادياخ نيسابور وكان تحت إمرته مئة ألف فارس ومئتي فيل ، فجاء صاحب الخبر وأنهى إليه أنه قد شوهد عشرة فرسان من التّركمان في ناحية تكاب ، فأمر سباشي بقرع الطبول والنفخ في البوق الذهبي ، وترتيب الجيش ، وحمل التعاويذ والمصاحف ، وقراءة الأدعية والنفخ ، ثم قال لي : أيها الشيخ الإمام لا تضنّ عليّ بالدعاء والتضرع لكي أعود بالسلامة ولا أراهم.
فقلت له : أيها الأمير! إن المبالغة في الحذر والتوجّس لا يليقان بك ، ولن يكون إلا ما فيه الخير ونفعك ، ثم انصرفت من عنده ، وقد قال الناس آنذاك : إن شمس تلك الدولة قد شارفت على الغروب.
حكاية : ذكروا أنه لدى نزول السلطان شهاب دين الله سيد سلاطين العرب