لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) و (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
ومن ذلك روايته حديث «لا تجتمع أمتي على ضلالة» (١). وهو لا يوجد في كتب الإمامية ، ولهم فيه نقاش (٢).
ومع ذلك تبقى ترجمته المختصرة جدا ، الواردة مع ترجمة أبيه لدى ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، فضلا عن ذكر عبد الجليل الرازي له بعبارة «من علمائنا المتأخرين» كما نقل الطباطبائي ، تبقى هذه العبارات في كتب الإمامية ، جديرة بالنظر. ومعلوم أن كلا الرجلين : ابن شهر آشوب والرازي كان معاصرا لمؤلفنا البيهقي ، لكن المثير للحيرة إذا افترضنا كونه إماميا ـ هو : لماذا لم يترجم له معاصره الثالث منتجب الدين علي بن عبيد الله الرازي (٥٠٤ ـ كان حيا في ٦٠٠ ه) في كتابه فهرست علماء الشيعة ومصنفيهم الذي ألفه في «تراجم رجال الإمامية ممن تأخر زمانهم عن زمان الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي» (٣) ، كما ذكر في مقدمة كتابه؟ لقد طاف منتجب الدين في البلاد فذهب إلى بغداد والحلة ونيسابور ومدن ما وراء النهر ، فضلا عن الري التي كان يعيش فيها والتي كان البيهقي يزورها بين الحين والآخر ويلتقي علماءها ووجهاءها ، كما أنه لم يترجم لوالد البيهقي.
لقد ترجم منتجب الدين في فهرسته ـ فضلا عن العلماء وكبار المحدثين ـ لرجال ومحدثين ومتفقهين أقل شأنا من مؤلفنا فريد خراسان البيهقي العالم والمحدث والمؤرخ والفيلسوف المتعدد المواهب ، فقد كان يترجم أحيانا لمن يكتفي بذكر اسمه مع عبارة «صالح ديّن» أو «صالح محدث» أو «فقيه صالح». وترجم حتى لأولئك الإمامية
__________________
(١) معارج نهج البلاغة ، ٣٤٩.
(٢) انظر مثلا دروس في أصول فقه الإمامية ، ٢١٨ ـ ٢٢٠.
(٣) هو شيخ الطائفة الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) عالم الإمامية الذائع الصيت ، قال عنه السيوطي في طبقات المفسرين ، ٩٣ : «تفقه للشافعي ، ولزم الشيخ المفيد مدة ، فتحول رافضيا».