العباسي من مرسوم سنة ٥٧٠ ه / ١١٧٤ م بإسناد السلطة لصلاح الدين على مصر وبلاد الشام والنوبة وغربي الجزيرة العربية (١).
كما يدعّم هذا الرأي ما أورده أبو شامة وابن واصل مشيرا إلى طلب صلاح الدين من الخليفة العباسي التقليد بذلك قائلا : " ... ثم طلب من الخليفة المستضيء بنور الله (٢) تقليدا جامعا بمصر والمغرب واليمن وكل ما تشتمل عليه الولاية النورية ، وكل ما يفتحه الله تعالى للدولة العباسية بسيوفه وسيوف عساكره ، ولمن يقيمه من أخ أو ولد من بعده ، تقليدا يتضمن للنعمة تخليدا وللدعوة تجديدا" (٣). وهذا يعني أن التبعية للدولة العباسية اسمية ولكن الإشراف الفعلي على بلاد الحجاز كان لصلاح الدين ولهذا نلاحظ خشية وخوف أمير مكة المكرمة من شقيق صلاح الدين ، لعلمه التام بقدرتهم على عزله من منصبه وإسناد الأمر لغيره ، فحرص الأمير مكثر على المحافظة على وضعه في البلاد ضمانا لعدم فقد أسرته لكرسّي الحكم فيها.
وقد أفاض ابن جبير في خبر قدوم طغتكين إلى مكة المكرمة سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م حيث مكث فيها سبعة أيام ، وكانت أبنيته خلالها منصوبة بالزاهر ، وقام بزيارة المسجد الحرام برفقة الأمير مكثر ودخل الكعبة المشرفة مرتين إحداهما مع زعيم الشيبيين محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الشيبي (٤)
__________________
(١) أحمد عسه : المعجزة المغربية ، ص ٤٤.
(٢) أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بويع بالخلافة بعد أبيه وتلقب بالمستضيء وذلك يوم الأحد سابع ربيع الآخر سنة ٥٦٦ ه / ١١٧٠ م كان عادلا حسن السيرة عم أكثر الناس إحسانه وأسقط الخراج المجدد والضرائب والمكوس وفي أيامه عادت مصر إلى الدولة العباسية بعد سقوط الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين توفي ليلة الأحد ثاني ذي القعدة سنة ٥٧٥ ه / ١١٧٩ م. انظر ابن دقماق : الجوهر الثمين ، ج ١ ، ص ٢١٢ ـ ٢١٣ ، وحاشية رقم ١ ، ص ٢١٣.
(٣) أبو شامة : الروضتين ، ج ١ ، ص ٢٤٣ ؛ ابن واصل : مفرج الكروب ، ج ٢ ، ص ٢٩.
(٤) محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الشيبي زعيم آل الشيبي وصاحب حجابة الكعبة وقد عزل عن الحجابة لهنات نسبت إليه ثم أعيد إليها سريعا لأنه فدى نفسه بخمسمائة دينار مكية وذلك في ذي القعدة سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ٤١٤.