والأخرى مع الأمير مكثر ، وأغدق الهدايا على الأمير ، ثم أدى صلاة الجمعة بالمسجد الحرام وغادرها إلى اليمن بجنده (١).
ونستنتج من تلك الزيارة مدى حرص أمير مكة المكرمة على مودة الأمير الأيوبي مع ملاحظة فرار الأمير عثمان الزنجيلي (٢) من اليمن عند علمه بتوجّه الحملة الأيوبية إليه ، ولجوئه إلى مكة المكرمة (٣).
ويبدو أن سيف الإسلام طغتكين قدم إلى مكة المكرمة في سنة ٥٨١ ه / ١١٨٥ م لأمور أوجبت حضوره ودعته للقدوم. وهي المرة التي تناولها معظم المؤرخين بالتفصيل بسبب أحداثها وما قام به من بعض التغييرات التي مكّنته من السيطرة على مكة المكرمة فعليا بعد أن كان اسميا ، ومن هذه التغييرات :
١ ـ سك الدنانير والدراهم باسم أخيه السلطان صلاح الدين.
٢ ـ تأديب العبيد المعتدين على الحجاج.
٣ ـ إقامة الخطبة باسم أخيه السلطان صلاح الدين.
٤ ـ الحدّ من المذهب الشيعي وذلك بإلغاء عبارة حيّ على خير العمل من الآذان (٤).
ويبدو أنه خلال وجود الأمير الأيوبي في مكة حدثت وحشة بينه وبين الأمير مكثر ، فقام مكثر في البداية بالفرار منه ، وأخذ مفتاح الكعبة معه ، ولكنه لم يلبث أن عاد وأعاد المفتاح (٥). وبقي مكثر أميرا على مكة المكرمة من قبل سيف الإسلام المستولي عليها ، ومما يؤيّد هذا الرأي ما ذكره الفاسي
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٢) الأمير فخر الدين المعروف بالزنجيلي له مدرسة ورباط بمكة المكرمة عند باب العمرة وسبيل خارج باب الشبيكة في طريق التنعيم وقد وهبها للوقف سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م وكان نائب السلطان صلاح الدين بعدن وخرج منها هاربا عند ما دخلها الملك العزيز سيف الإسلام طغتكين بن أيوب وله أيضا أوقاف كثيرة بالشام توفي سنة ٥٨٣ ه / ١١٨٧ م. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٦ ، ص ٣٤ ـ ٣٥.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٤) انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٥ ، ص ٦٢ ـ ٦٤ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٥٣ ؛ عز الدين ابن فهد : غاية المرام ، ج ١ ، ص ٥٤٨ ـ ٥٤٩ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٥٤٧.
(٥) ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٥٣ ـ ٥٥٤.