لهدمه إذ اعتبر ذلك مخالفة من أمير مكة (١).
كما أشار ابن جبير إلى أنه في السنة التي حجّ فيها تأخّر أمير الركب العراقي عن موعده فأوجست نفوس أهل مكة المكرمة خيفة من حقد الخليفة على أميرهم.
ولم يكن لأمير مكة المكرمة مطلق الحرية في إدارة شئون البلاد ، بل كان رأي الخليفة العباسي الفاصل في الأمور ذات الأهمية الكبرى ، مثل عزله لأحد سدنة البيت الحرام ؛ وهو محمد بن إسماعيل وتعيينه لآخر مكانه (٢).
ابن جبير واليمن :
تناول ابن جبير جانبا من الأحداث التاريخية الجارية في اليمن لتلك الفترة. فأشار إلى فرار الأمير عثمان بن علي الزنجيلي من عدن إلى مكة المكرمة في شهر ذي الحجة عقب علمه بتوجّه الأمير طغتكين إليها. وقد حمل معه من الأموال والذخائر ما لا يعدّ ولا يحصى ، والتي حازها طوال حكمه.
فاستطاع الأيوبيون الاستيلاء على جزء منها. بينما حمل العبيد الذخائر والنفائس الخاصة بعثمان ووصلوا بها إلى مكة المكرمة ليلا وأدخلت داره.
وجمع هذا الأمير أمواله نتيجة لسوء سيرته وسياسته المعروفة عنه في البلاد (٣).
وقام المؤرخون بإيراد بعض التفاصيل عن الأمير عثمان نقلا عن رحلة ابن جبير (٤). ويبدو أن الدار التي شيدها في مكة المكرمة هما : رباطه أو مدرسته المعروفان واللذان أوقفهما سنة ٥٧٩ ه / ١١٨٣ م (٥).
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٥.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤٩ ، ١٥٧.
(٣) المصدر السابق ، ص ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٤) ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٤٩ ، مما يؤكد أهمية الرحلات المغربية والأندلسية لمؤرخي الحجاز في تلك الفترة حيث اعتمدوا في التاريخ لبعض الأحداث على ما ورد في كتب الرحلات وهذا بدوره يؤكد ويشير إلى اشتهارها بين المؤرخين لأهميتها وما حوته من معلومات ذات قيمة كبيرة.
(٥) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٦ ، ص ٣٤ ـ ٣٥.