وقد سبق وأشرنا إلى إغفال التجيبي للفترة الممتدة ما بين وفاة الملك المسعود إلى تولية أبي سعد الحسن. ولعلّه قصد الإشارة إلى المتولّين من أسرة أبي نمي.
أما المؤرّخون الذين أرّخوا للحجاز فقد أفاضوا في ذكر كيفية استيلاء أبي سعد الحسن على مكة المكرمة (١). بينما أغفل ابن خلدون ذلك (٢).
وقد أورد التجيبي خبر مقتل أبي سعد الحسن بشكل مفّصل ، ممّا يوحي باستقائه الخبر من مصادر موثوق بها ، وسكت عن ولاية راجح بن قتادة لمكة المكرمة ومن بعده ابنه غانم ، ولكنه أعاد القول في شأن استنجاد أبي نمي بعمي أبيه إدريس وراجح ، ودخولهم مكة المكرمة ، وانتزاعها من جماز ابن حسن. أمّا الفاسي وابن فهد والعصامي فقد أفاضوا في كيفية مقتل أبي سعد ، وذكروا أنّ الشريف جماز بن حسن ذهب إلى دمشق طالبا مساعدة الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي الأيوبي لاسترجاع مكة المكرمة من ابن عمه أبي سعد الحسن بن علي وأبدى استعداده بقطع الخطبة فيها للمظفّر (٣) صاحب اليمن والخطبة له مرغّبا إياه في مساعدته ، فاستجاب له وسيّر معه جيشا انتصر به على ابن عمه وتمكّن من قتله في الحرم ولكنه لم يلبث أن نقض عهد الناصر وخطب للمظفر صاحب اليمن ثم استولى عمّه راجح ابن قتادة على الحكم بلا قتال وفّر جماز هاربا إلى ينبع. وكان استيلاء جماز على مكة المكرمة وقتل أبي سعد سنة ٦٥١ ه / ١٢٥٣ م وفي ربيع الأول سنة ٦٥٢ ه / ١٢٥٤ م قام غانم بإخراج والده راجح من مكة المكرمة بلا قتال وأقام بها وقتا قصيرا ولم يلبث أن استولى أبو نمي محمد بن أبي سعد وإدريس ابن
__________________
(١) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٧٧ ـ ٧٨ ؛ ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ١ ، ص ٢٦٦ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٦٨ ـ ٦٩ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٥٩٧ ؛ العصامي : سمط النجوم ، ج ٤ ، ص ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٢) ابن خلدون : العبر ، ج ٤ ، ص ١٠٦.
(٣) يوسف بن عمر بن علي بن رسول الملك المظفر أبو المنصور صاحب اليمن توفي بها في شهر رجب سنة ٦٩٥ ه / ١٢٩٥ م. انظر ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ٢ ، ص ٨٠٤.