ابن عمه فأجاباه وقدما إليه وبرفقتهما عبد لأبيه يدعى ياقوت الذي كان والي جدة فأمّده بالمال ، حيث استفاد منه في جمع العرب حوله وسار بهم إلى مكة المكرمة ، فوصل خبرهم لجماز الذي فرّ هاربا إلى ينبع (١). واستقّر بها حتى مات ، ودخل أبو نمي وعماه وغانم بن راجح (٢) مكة المكرمة في ذي الحجة سنة ٦٥٣ ه / ١٢٥٥ م واتفقوا على جعل أبي نمي وإدريس هما المتوليان لأمرها واستمّرت الأمور على هذا الوضع إلى سنة ٦٦٩ ه / ١٢٧٠ م عند ما أقدم إدريس على قتل زوج ابنته زيد بن أبي نمي في الحرم فانعكس أثر ذلك على أبي نمي بالخوف ففّر إلى ينبع (٣) مستجيرا بصاحبه إدريس العربي (٤) ، فحشد جيشا كبيرا سار به إلى مكة المكرمة ودخلها عنوة وقتل إدريس بيده انتقاما لمقتل ابنه.
وقامت العرب بنهب أوقاف الحرم الشريف من كتب وخلافه ، واستبّد الشريف أبو نمي بالأمر في سنة ٦٦٩ ه / ١٢٧٠ م ولم يزل كذلك إلى وفاته سنة ٧٠١ ه / ١٣٠١ م (٥).
والواقع أن ما أورده التجيبي حول كيفية تولّي أبي سعد الحسن إمارة مكة المكرمة موافق لما ذكره الفاسي على الرغم من اقتضاب السرد لدى التجيبي حول سيطرة أبي سعد على مكة المكرمة مع ملاحظة أنه سّنيّ المذهب ، وهو ما لم يشر إليه أحد من المؤرّخين كالفاسي مثلا (٦).
__________________
(١) (ينبع) على يمين رضوى لمن كان منحدرا من المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى ومن المدينة على سبع مراحل وهي لبني الحسن بن علي ، يسكنها الأنصار وجهينه وليث وفيها عيون عذبه غزيرة ، وواديها يليل بها منبر وهي قريه غنّاء بها حصن ونخل وزرع وبها وقف لعلي بن أبي طالب يتوّلاها ولده وهي بين مكة والمدينة. انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ٤٤٩ ـ ٤٥٠.
(٢) غانم بن راجح بن قتادة بن إدريس الشريف الحسني المكي أمير مكة تسلم البلاد من أبيه سنة ٦٥٢ ه / ١٢٥٤ م فأقام بها إلى شوال وأخذها منه أبو نمي وإدريس بن قتادة. أنظر ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ٢ ، ص ٥١٨.
(٣) يبدو أنها ملجؤهم الاختيارى لوجود أنصارهم بها فمتى الّمت بهم شدّة عادوا إليها لتجميع قوّتهم والعودة مرّة أخرى إلى مكة.
(٤) لا يوجد له اسم في كافة المصادر التي تناولناها ، ولعله يكون أحد أقاربه الحسنيين.
(٥) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٦) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٤ ، ص ١٦٠ ـ ١٦٣.