وعشرون سنة لم يشر إليها التجيبي بأية معلومات عمن تولّى إمرة مكة المكرمة خلالها. إلّا أنه ذكر أن أبا سعد الحسن ظلّ حاكما لها بالعدل وحسن السيرة في أهلها حتى دبّ الخلاف بينه وبين أقاربه مما أدى إلى استعانتهم بالناصر ابن عبد العزيز (١) سلطان الشام ، فأرسل إليه جيشا كبيرا يقال إنه بلغ عدد الجمال فيه نحو مائة وثلاثين ألف جمل في سنة ٦٥١ ه / ١٢٥٣ م فقتل رحمهالله على أيدي أبناء عمومته من آل إدريس بن حسين بن قتادة وأخويه جماز (٢) وأحمد (٣) وقد أورد التجيبي كيفية اغتياله فذكر أن أخويه جماز وأحمد كانا برفقة بعض أبناء عمّهم إدريس بن حسين ، وذلك في منزل أخيهم الحسن المكّنى أبا سعد ، وقد رتب أحمد لمقتله بالاتفاق مع أخ له من الرضاعة الذي داهمه بخنجر أخفاه لذلك ، إلّا أن أبا سعد تنبّه لهذه المؤامرة فكادت أن تفشل لولا أن استنجد القاتل بأخيه أحمد فبادر أحمد إلى الإجهاز على أخيه الحسن وقعد جماز في الإمرة مكانه وعزم على قتل أبي نمي (٤) ، فبلغه ذلك ، فكاتب عمّي أبيه إدريس (٥) وراجح (٦) ابني أبي عزيز قتادة ، ليستعين بهما على حرب
__________________
(١) يوسف بن محمد بن غازي بن يوسف بن أيوب بن شاذي السلطان الملك الناصر صلاح الدين ابن الملك العزيز ابن الملك الظاهر ابن الناصر صلاح الدين صاحب حلب ثم الشام ولد بقلعة حلب في رمضان سنة ٦٢٧ ه / ١٢٢٩ م وقتل سنة ٦٥٩ ه / ١٢٦٠ م تولّى الملك بعد موت والده سنة ٦٣٤ ه / ١٢٣٦ م وكان الأمر كله لجدّته الصاحبه صفيه خاتون ولما توفيت سنة ٦٤٠ ه / ١٢٤٢ م أشتدّ أمره واستولى على حمص ودمشق وقصد مصر وكان سمحا جوادا حليما حسن الأخلاق محببا إلى الرعية فيه عدل وصفح ومحبة للفضلاء والأدباء ، وقد ضمن له الفرنج أخذ مصر مقابل تسليمهم القدس فرفض ووردت الأخبار في منتصف صفر سنة ٦٥٨ ه / ١٢٥٩ م بقدوم التتار إلى حلب وأخذها بالسيف فهرب وزال ملكه ودخل التتار دمشق بعد بيوم وجاء التتار بالأمان فبقي في ذل وهوان ، ثم قتل بالسيف عقب موقعة عين جالوت. انظر الكتبي : فوات الوفيات ، ج ٤ ، ص ٣٦١ ـ ٣٦٦.
(٢) جماز بن حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الشريف الحسني أمير مكة ، وليها بعد قتله لأبي سعد الحسن. انظر ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ٢ ، ص ٢٥٠.
(٣) لا توجد له ترجمة في المصادر التي تناولناها.
(٤) يبدو أنه خاف منه لقوّته فقد درج الأشراف على تولية الأمارة أكثرهم قوة.
(٥) إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسني أمير مكة المكرمة ولي إمرتها نحو سبع عشرة سنة شريكا لابن أخيه أبي نمي وانفرد بها يسيرا وقتل بيد أبي نمي بسبب ولد قتله سنة ٦٦٩ ه / ١٢٧٠ م. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٣٧٨.
(٦) راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الشريف الحسني أمير مكة وليها أوقاتا كثيرة توفي سنة ٦٥٤ ه / ١٢٥٦ م. انظر ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ١ ، ص ٣٠٣.