بسط نفوذهم وسيطرتهم على الحجاز لعوامل دينية وسياسية وحملهم لقب خادم الحرمين الشريفين أو حامي الحرمين الشريفين (١). وإحياء الخلافة العباسية بمصر عقب سقوطها في بغداد على يد التتار سنة ٦٥٦ ه / ١٢٥٨ م (٢).
كما تتضح أيضا بداية الإنهيار لاستقلال الأشراف بمكة بسبب تدخّل الناصر تدخّلا مباشرا في شؤونها الداخلية ، وعبّر ريتشارد مورتيل عن أسباب التدخّل قائلا : " فلم يكن يرمي من هذا التدخل الاستيلاء على البلد الحرام وضمّها إلى الدولة المملوكية ، أو النفع المادي ، لكنه قام ببسط نفوذه على إمارة مكة المكرمة والتدخل بين أولاد الشريف أبي نمي ليعيد الأمن إلى مكة المكرمة في سبيل حماية الحجاج" (٣).
وارتبطت مكة بعلاقات مع الدولة الرسولية في اليمن ، وقام حكامها بالدعاء للملك داود المؤيّد بالله (٤) كما أشار إلى ذلك التجيبي (٥). والواقع أنه بمجرد انشغال سلاطين مصر بامورهم الداخليه يسارع بنو رسول (٦) ملوك اليمن إلى التدخل السياسي وبسط نفوذهم على مكة ابتداء من سنة ٦٢٨ ه
__________________
(١) انظر فيما بعد ، ص ٤٣١ ـ ٤٣٢.
(٢) انظر الذهبي : دول الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٦٥ ؛ ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٣ ، ص ٢٠٠ ـ ٢٠٢ ؛ السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص ٤٣٨ ـ ٤٣٩.
(٣) ريتشارد مورتيل : الأحوال السياسية والاقتصادية بمكة في العصر المملوكي ، ص ٧١.
(٤) داود بن يوسف بن عمر بن رسول التركماني الأصل اليمني الملك المؤيد عزيز الدين صاحب اليمن ابن المظفر صاحب اليمن ولي بعد أخيه الأشرف في المحرم سنة ٦٩٦ ه / ١٢٩٦ م وكان ملكا فاضلا مشاركا في الفنون مات في ذي الحجة سنة ٧٢١ ه / ١٣٢١ م. انظر ابن تغري بردي : الدليل الشافي ، ج ١ ، ص ٢٩٧.
(٥) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٦٢.
(٦) اسم رسول محمد بن هارون بن أبي الفتح بن نوحي بن رستم وهو من ذرية جبلة ابن الأيهم فلما هلك أقام ولده في بلاد الروم مع قبائل التركمان وتكلموا لغتهم وبعدوا عن العرب ، فلما خرج أهل هذا البيت إلى العراق نسبهم من يعرفهم إلى غّسان ومن لا يعرفهم نسبهم إلى التركمان ، وكانوا بيت شجاعة ورئاسة ومحمد بن هارون هذا جليل القدر فيهم فأدناه الخليفة العباسي وأنس به واختصّه برسالته إلى الشام وإلى مصر ، ورفع الحجاب فيما بينهما فأطلق عليه اسم رسول واشتهر به وترك اسمه الحقيقي حتى جهل ثم انتقل من العراق إلى الشام ومنها إلى مصر فيمن معه من أولاده ثم صحبوا الملك المعظم توران شاه إلى اليمن. انظر الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٣٦ ـ ٣٩.