وقد وافق عز الدين بن فهد التجيبى ولكن بتفصيل أوسع في أسباب القبض على حميضة ورميثة وأنه كان تأديبا لهما على ما صدر منهما في حقّ أخويهما عطيفة وأبي الغيث ، وتمّ ذلك سنة ٧٠١ ه / ١٣٠١ م واستمرّا في السجن إلى سنة ٧٠٤ ه / ١٣٠٤ م. فلما عادا مّرة أخرى أظهرا العدل وحسن السيرة وقاما بإعفاء الناس من بعض المكوس (١).
وقد أشارت روايات إلى هذه الحادثة ولكن دونما تفصيل في أسباب القبض على الشريفين (٢). وأورد أبو الفدا خبر اختلاف أولاد أبي نمي بعد وفاته ، وتغلّب رميثة وحميضة على مكة المكرمة ، ثم القبض عليهما وإطلاقهما وعودتهما إلى مكة المكرمة مّرة أخرى ، ثم هروب أبي الغيث منها (٣). وأيد المؤرخون المعاصرون ما سبق (٤).
ومما سبق يتضح أن التجيبي ركّز على أحوال مكة المكرمة السياسية في عهد الناصر دون الإشارة إلى فترة حكم السلطان حسام الدين أبي الفتح لاجين المنصوري (٥) سلطان مصر سنة ٦٩٦ ه / ١٢٩٦ م (٦). وعلاقاته مع أشراف مكة المكرمة ، ولكن الواضح أن تلك العلاقة كانت أظهر وأوضح في عهد الملك الناصر. والذي بدأ تدخّله في شؤون مكة المكرمة السياسية ظاهرا للعيان ، وغدا الأشراف يخشون سلطة المماليك في مصر ، الحريصين على
__________________
(١) عز الدين بن فهد : غاية المرام ، ج ٢ ، ص ٥٣ ـ ٥٦ ، ٧٩ ـ ٨٢.
(٢) القلقشندي : صبح الأعشي ، ج ٤ ، ص ٢٧٨ ؛ ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة ، ج ٨ ، ص ٢٠٠.
(٣) أبو الفدا : تاريخ أبي الفدا ، ج ٤ ، ص ٤٧.
(٤) ابن خلدون : العبر ، ج ٤ ، ص ١٠٧ ؛ الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، ٢٩٩ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٤ ، ص ٢٣٢ ـ ٢٣٤ ، ٤٠٤ ، ٥٠٦ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ١٣٤ ـ ١٣٥ ، ١٤٠ ـ ١٤٢ ؛ ابن ظهيرة : الجامع اللطيف ، ص ١٩٥ ؛ الجزيري : الدرر الفرائد ، ج ١ ، ص ٩١٤ ـ ٩١٧ ؛ ريتشارد مورتيل : الأحوال السياسية والاقتصادية بمكة في العصر المملوكي ، ص ٦٥ ـ ٦٧.
(٥) الملك المنصور لاجين المنصوري بويع أوائل صفر سنة ٦٩٦ ه / ١٢٩٦ م وكان موصوفا بالشجاعة والحكمة استمرت دولته سنتين وثلاثة أشهر قتل يوم الخميس عاشر ربيع الآخر سنة ٦٩٨ ه / ١٢٩٨ م. انظر ابن دقماق : الجوهر الثمين ، ج ٢ ، ص ١٢٢ ـ ١٢٨.
(٦) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٤٨.