أغلب الأحيان ؛ مما أوجد فراغا تاريخيا في النواحي الأخرى.
وفي القرن الثامن الهجري ظهر المؤرخ المكي تقي الدين الفاسي الذي أخذ على عاتقه سد هذا الفراغ التاريخي للحجاز ، وذلك بتأليفه كتبا عن أحوالها أهمها : العقد الثمين في أخبار البلد الأمين ، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام. وقد أشار إلى باعثين جعلاه يقدم على تأليف تاريخه ، وهما :
١ ـ افتقاره لمصادر متخصصة في تاريخ مكة المكرمة بعد الأزرقي والفاكهي.
٢ ـ رغبته في كتابة تاريخ لبلده خلال الفترة التي أعقبت وفاة الأزرقي إلى وقته (١).
وقد أورد أخبارا عن الفترة التي انقطع فيها التاريخ للحجاز فيما بين القرنين الثالث والثامن الهجريين. ومع هذا فمؤلفاته لاتفي بالفرض خاصة وإنها مدة طويلة لم يشهد أحداثها.
وفي هذه الفترة المنسية من تاريخ الحجاز قيض الله للحجاز من تتبع تاريخها من معظم جوانبه بصدق وعفوية وهم الرحالة المغاربة والأندلسيون ومن هنا كان سبب اختيارى لموضوع" الرحلات المغربية والاندلسية مصدر من مصادر تأريخ الحجاز في القرنين السابع والثامن الهجريين دراسة تحليلية نقدية مقارنة" مع الأخذ في الحسبان النقد والتحليل للمعلومات التي أوردتها كتب الرحالة ومقارنتها وتوثيقها مع ما جاء في بعض مصادر التاريخ العامة إلى جانب إلقاء الضوء الكافي على منهجية هؤلاء الرحالة من كتاباتهم وأسلوب معالجتهم للقضايا التي طرحوها.
إضافة إلى أنني لم أجد على حد علمي من تطرق لمثل هذا الموضوع وبالأخص كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين خلال القرنين السابع والثامن الهجريين واعتمادهما مصدرا من مصادر تاريخ الحجاز ، وعليه فأحسب أن هذا الموضوع من المواضيع الجديدة التي لم تنل ما تستحقه من البحث والدراسة. كما أن هؤلاء الرحالة عرف عنهم تمسكهم بالدين وتقوى الله فمنهم من كان قاضيا وعالما وكاتبا ، فبحكم مكانتهم الدينية والعلمية جاءت كتاباتهم
__________________
(١). الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ١٢ ، ١٥.