ويبدو أن سبب الدعاء لسلطان العراق في ذلك العام عائد إلى كثرة صدقات أهل العراق وسلطانها المبعوثة إلى مكة المكرمة. فقد ذكر ابن بطوطة وقت وجوده بمكة المكرمة في سنة ٧٢٨ ه / ١٣٢٧ م و ٧٢٩ ه / ١٣٢٨ م وصول أحمد (١) ابن الأمير رميثة ومبارك ابن الأمير عطيفة من العراق حاملين صدقات عظيمة للمجاورين وأهل مكة المكرمة من قبل السلطان أبي سعيد ملك العراق ، وفي هذه السنة ذكر اسم السلطان أبي سعيد في الخطبة ودعي له بأعلى قبّة زمزم. ويذكر ابن بطوطة أن الدعاء لصاحب العراق لم يتكرّر عقب تلك السنة (٢).
ولعل هذا الإجراء تعبير عن الشكر والتقدير من أمير مكة المكرمة رميثة لسلطان العراق مع ملاحظة أنه لم يلق قبولا لدى الأمير عطيفة المشارك له في الحكم. حيث بعث شقيقه منصور (٣) لإطلاع الملك الناصر على حقيقة الأمر. وقد حاول رميثة إعاقة وصول الخبر إليه ، إلّا أنّ عطيفة استطاع إيصاله عن طريق جدّة (٤).
ونجد هنا أن ابن بطوطة قد خالف المصادر في تحديد سنة الدعاء لسلطان العراق ، حيث ذكروا أن السنة التي تم فيها الدعاء لصاحب العراق إنما هي سنة ٧١٧ ه / ١٣١٧ م ، ووصل الخبر إلى الناصر بمصر سنة ٧١٨ ه / ١٣١٨ م (٥).
__________________
(١) أحمد بن رميثة بن أبي نمي بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني المكي صاحب الحلة. سافر إلى العراق مرتين في زمن أبي سعيد ابن خرنبدا ، وعظم شأنه هناك. قتل في الثامن عشر من رمضان سنة ٧٤٢ ه / ١٣٤١ م. أنظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٤٠ ـ ٤١.
(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٧٢ ـ ٢٤١.
(٣) لم نعثر على ترجمة له في المصادر التى تناولناها.
(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٧٢ ، ٢٤١.
(٥) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٤ ، ص ٢٤١ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ١٥٨ ؛ المقريزي. السلوك ، ج ٢ / ١ ، ص ١٧٦.