وفي رحلة ابن رشيد نجد إشارة إلى شريف مكة المكرمة أبي نمي محمد ابن أبي سعد الحسني وما تمتع به من هيبة وسلطان وقوّة شخصية (١). والذي استمر في إمارته حتى زمن رحلة العبدري والذي أغفل الإشارة إليه واستمر حكمه في عهد رحلة التجيبي الذي أشار إلى تعيينه عاملا من قبله على مدينة جدة (٢).
وقد أشار التجيبي في رحلته واصفا الشريف أبا نمي من الناحية الخلقية قائلا : إنه شيخ خفيف العارضين ، شديد السمرة ، ضخم الجسم ، معتدل القامة حسن الصورة ، تميّز بالسكينة والهيبة وقوة النفس والإقدام والشجاعة والتواضع وقال في هذا : إنه رأى الشريف ذات ليلة أثناء طوافه بالبيت الحرام وهو يهّم بتقبيل الحجر الأسود وكان المجاورون قد سبقوه إلى ذلك وحاول أتباعه إبعادهم عن الحجر الأسود وإفساح المجال للشريف فنهاهم عن ذلك وانتظر حتى انفضّوا وقام بتقبيل الحجر وعقب فراغه اتجه إلى المقام وصلّى فيه ركعتي الطواف على الأرض بعد إزاحته لرداء فرشه له أحد أتباعه ، واتجه بعدها إلى السعي لإتمام عمرته.
وللشريف أبي نمي أعوان لمساعدته في الحكم منهم وزير قدير لم ترد إشارة إلى اسمه وكانت إقامة الشريف في حصن له خارج مكة المكرمة يسمّى الجديد.
ترك الشريف أبو نمي عددا من الأولاد تولى بعضهم إمارة مكة المكرمة وأسهموا في أحداثها مثل رميثة وحميضة وغيرهما وهذا له دلالة على حصر السلطة في أعضاء الأسرة الحاكمة من الأشراف (٣).
__________________
(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٩٦ ، ١٠٠.
(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢١٩.
(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٠٤ ـ ٣٠٨ ، ٤٦٣.