وقبل أن نختم حديثنا عن العادات والتقاليد في المجتمع المكي يجدر بنا أن نشير إلى بعض الخرافات والبدع التي كانت موجودة فيها : مثل اعتقادهم في زيادة ماء زمزم في ليلة النصف من شهر شعبان (١). وقيل أيضا في كل ليلة جمعة (٢) ، كما أشير إلى عدم هبوط الحمام فوق الكعبة وانتشاره حولها وفي حالة نزوله عليها فإنه يموت لحينه أو يشفى من علته إذا كان عليلا (٣). وقد أشار التجيبي إن ذلك نوع من البدع خصوصا عند ملاحظته لاقتراب الحمامة منه لمرة واحدة الأمر الذي أثار فضوله فتوجه بالسؤال لشيخه أبي إسحاق الطبري فأخبره إن العادة درجت عندهم أنه لا ينزل عليه طائر إلا مستشفيا من مرض ثم أردف قائلا : والله أعلم (٤).
وقد سجل هذا النوع من البدع الرحالة المغاربة والأندلسيون على الرغم من حرصهم على الدقة في كثير من الأمور ولم يقم أحد منهم بمناقشة هذا الأمر. ولكن ناقش هذه القضية محمد طاهر الكردي بإفاضة عند ذكره لحمام الحرم ووقوفه أحيانا على الكعبة المشرفة ، وقد أثبت صورا تؤيّد هذا ذاكرا أن غيره من الحمام لا يقع على الكعبة لأسباب منها :
١ ـ الكعبة بالنسبة لما سواها من الأبنية منخفضة والطيور محبة للأماكن المرتفعة.
٢ ـ الكعبة المشرفة ليس لها بروزات سوى ميزابها وهي ملساء مفروشة بالحرير في حين أن الحمام يحّب الأشياء البارزة الخشنة ليستطيع التمسك بها علاوة على أن سطحها مفروش بالرخام فهو معّرض لحرارة الشمس الحارقة فلا يمكن الوقوف عليه لذلك.
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١١٩ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣٧.
(٢) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٣) الفاسي : شفاء الغرام ، ص ٣٠٠ ؛ ابن ظهيرة : الجامع اللطيف ، ص ٣٩.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٨٩.