٣ ـ ليس في الكعبة فجوات تجذب الحمام إليها لبناء أعشاشها (١).
ولعل ما أورده الكردي حول هذه المسألة صحيح ؛ لذا فالكعبة لا تجذب الطيور للوقوف عليها. فساد هذا الاعتقاد عند أهل مكة وغيرهم.
ومن الشائعات أيضا قولهم إنه على جانبي طريق الزاهر جبال أربعة جبلان عن اليمين وجبلان عن اليسار عليها أعلام من الحجارة وقيل إنها جبال مباركة لأن إبراهيم عليهالسلام جعل عليها أجزاء الطير ثم دعاهن حسبما ورد في القرآن الكريم وأردف ابن جبير أنها سبعة وليست أربعة ، وعزا ذلك إلى علم الله تعالى (٢). وأغلب الظن أن هذا القول غير صحيح إذ لم يرد بشأنها أي ذكر في أخبار مكة للأزرقي ، بالإضافة إلى أن كتب التفاسير التي فسرت الآية : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٣). لم تشر إلى أن هذه الجبال بمكة المكرمة بل نجد أن ابن كثير في تفسيره لم يكن واثقا من عدد الجبال أهي أربعة أم سبعة (٤) مثل ابن جبير. وأغلب الظن أن الحادثة وقعت قبل قدوم إبراهيم عليهالسلام إلى مكة المكرمة ولم يشر القرطبي في تفسيره إلى مكان وجود هذه الجبال فقال" وقال ابن عباس أمر الله تعالى إبراهيم بهذا قبل أن يولد له وقبل أن ينزل عليه الصحف" (٥).
__________________
(١) انظر بإفاضة محمد طاهر الكردي المكي : التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم ، ج ٢ ، ص ٢٢٠ ـ ٢٢٤.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٩ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٦١ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٤ ـ ١٤٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٤٧ ـ ٤٨.
(٣) القرآن الكريم : سورة البقرة ، ١ / ٢٦٠.
(٤) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج ١ ، ص ٣١٥.
(٥) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج ٣ ، ص ٣٠٢ ؛ عبد الوهاب النجار : قصص الأنبياء ، ص ٩٧.