والدليل على أن هذه الأمور من البدع (١) عدم وجودها زمن زيارة ابن جبير. ومع أنها كانت موجودة زمن وجود العبدري بمكة ، إلا أنه لم يشر إليها وإنما ذكر أن القائمين على الكعبة لا يسمحون بدخولها إلا بعد دفع شيء من المال عند بابها (٢).
ومن غير المعروف بالتحديد وقت ابتداء هذه البدعة. وكما أشرنا فإن الداعي لظهورها الحاجة الشديدة إلى المال (٣).
والملاحظ في مثل هذه البدع إقبال الكثير على تصديقها ، واعتبارها حقيقة مسلمّا بها. وقد يبدو أن ضعاف النفوس والراغبين في الثراء على حساب الجهال من عامة الناس روّجوا تلك الشائعات ، رغبة في جلب الناس إلى العروة الوثقى والمسمار وغيره والتصديق بهما لا حبا في نفع المسلمين ؛ بل لما سيعود عليهم من المال الوفير والمأخوذ بطبيعة الحال من البسطاء والحجاج دون وجه حق. إلى جانب عدم احترام قدسية المكان الشريف المستغل في عملية النصب والاحتيال.
وقد انتهى أمر هذه البدع إلى الزوال على يد الصاحب زين الدين أحمد ابن محمد بن على بن محمد المعروف بابن حناء (٤) سنة ٧٠١ ه / ١٣٠١ م عند مشاهدته لما يحدث في البيت من أمور منكرة فأمر بإزالتها وانتهت هذه البدعة على يديه (٥).
__________________
(١) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٢) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٦.
(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٦٤ ـ ٢٦٥.
(٤) أحمد بن محمد بن على بن محمد بن سليم زين الدين ابن الصاحب محيى الدين ابن الصاحب بهاء الدين بن حناء سمع من سبط السلفي وحدث عنه وتفقه ودرس وكان فقيها دينا رئيسا وافر الحرمة مات في صفر سنة ٧٠٤ ه / ١٣٠٤ م ودفن في قبر حفره لنفسه بجنب الشيخ أبي محمود بن أبي جمرة. انظر ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ١ ، ص ٢٨٣.
(٥) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦.