القراءة وهم أكثر جمعا ، ويتنافس التجار المالكية في جلب الكثير من الشمع لإمامهم فتكون أماكنهم" تروق حسنا وترتمي الأبصار نورا" ومع ذلك فجميع أنحاء المسجد وزواياه مليئة بالقّراء والمصلين.
أمّا الغرباء فيفضلون الطواف والصلاة في الحجر على أداء التراويح.
وكان إمام الشافعية أكثر الأئمة اجتهادا في العبادة ، وبعد إتمام عشر ركعات من التراويح يتّجه بجماعته للطواف فإذا فرغ عاد للصلاة ويكون الإعلان عن بدء الصلاة بضربة من الفرقعة الخطيبية (١) يسمعها من في المسجد لارتفاع صوتها ؛ فإذا فرغ من ركعتين عاد للطواف وعند انتهائه تضرب الفرقعة مرة أخرى ويعاود الصلاة ركعتين ثم العودة للطواف (٢). وهكذا إلى أن يتم عشر تسليمات فيكون المجموع عشرين ركعة. ثم يؤدي ركعتي الشفع والوتر وينصرف وهذه القاعدة التزم بها غالبية الأئمة. والقائمون على إقامة التراويح خمسة أئمة أولهم إمام الفريضة وأوسطهم الفقيه أبو جعفر بن علي الفنكي القرطبي. وتستعمل الفرقعة الخطيبية طوال الشهر المبارك وتضرب ثلاث ضربات عند الفراغ من آذان المغرب ، ومثلها عند الفراغ من آذان العشاء.
وهذه بدعة كما أشار ابن جبير.
ويفرد للعشر الأواخر من شهر رمضان نوع خاص من العبادة. حيث يختم في كل ليلة وتر القرآن ابتداء من ليلة إحدى وعشرين ويقوم بختم القرآن أحد أبناء مكة بحضور قاضي مكة وعدد من الشيوخ ، فإذا فرغ هذا الصبي قام فيهم خطيبا ومن ثم يستدعي أبو الصبي للاحتفال بهذه المناسبة الحضور إلى منزله.
__________________
(١) أول ما بدأ الاعلان عن معاودة الصلاة بالحمد والتكبير حول الكعبة وكان ذلك في زمن ولاية خالد القسري على مكة في خلافة عبد الملك بن مروان. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٤ ، ص ٢٧٢. وانظر صفة الفرقعة فيما بعد ، ص ٢٤٢.
(٢) أول من أمر بالطواف بين كل ركعتي تراويح بعد أن أدار الصفوف حول الكعبة خالد القسري. انظر المصدر السابق والجزء والصفحة.