ويبدو أن أشراف مكة التزموا بالمرسوم الذي أصدره الملك الناصر حيث لم يشر البلوي إلى وجود إمام زيدي بالحرم عند ما تطرق لقضية تعدد الأئمة بالحرم المكي (١).
ومما ذكر من أفعال الزيدية زيادتهم في الأذان" حي على خير العمل" بعد" حي على الفلاح" وصفوا بأنهم روافض لا يجمعون مع الناس وإنما يصلون ظهرا أربعا ويصلون المغرب عقب فراغ الأئمة من صلاتهم ويتبرؤون من أبي بكر وعمر رضياللهعنهما (٢).
ويبدو أنه لم يكن لأهل مكة وعلمائها طاقة على الاعتراض فضلا عن التغيير إلا بالقلوب لمساندة أعيان مكة لهم (٣).
وقد عبر ابن جبير عن استنكاره للزيدية بقوله" والله من وراء حسابهم وجزائهم". أما التجيبي فعبر بقوله" والله تعالى يرشدهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة بمنه وكرمه" (٤).
وكانت الأولوية للمذهب الشافعي بمكة المكرمة حيث يصلي إمامهم خلف مقام إبراهيم عليهالسلام وتقديمه لهذا المكان يرجع إلى أنه المقدم من الخليفة ويليه في المرتبه والأتباع الإمام الحنفي فجميع ما يحتاجه يأتيه من دولة الأعاجم فهم على مذهبه ومكان صلاته بأتباعه أمام الميزاب ثم يليه في المكانة والاتباع الإمام الحنبلي ومكان صلاته ما بين الركن الأسود والركن اليماني.
وأضعف الأئمه أتباعا المالكي ويصلي قرب الإمام الحنفي (٥).
__________________
(١) البلوى : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٠.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٧٨ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٩٧.
(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٩٩.
(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ٧٨ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٩٩.
(٥) ابن جبير : الرحلة ، ص ٧٨ ـ ٨٠ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٩٥ ـ ٢٩٧ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣٠٦.