وللدلالة على وفرة الكتب بالمدينة وتنوعها ما قيل إنه" ما من عالم صنف كتابا بالمشرق أو بالسند أو بالهند أو العراق أو غيرها من الأقاليم إلا يصرف نسخة للمدينة المشرفة تبركا ورجاء الإقبال على كتبه" إضافة إلى وجود عدد كبير منها للإعارة (١). كما احتوت على بعض كتب للذهبي شاهد ابن جابر الوادي آشي منها اختصارا لتاريخ الذهبي والمؤلف من واحد وعشرين مجلدا بالمدينة المنورة فنقل منه (٢).
كما ضم المسجد النبوي مكتبة كبيرة احتوت على خزانتين كبيرتين من الكتب وبعض المصاحف الموقوفة على المسجد (٣). وأغلب الظن أن الكثير من هذه الكتب قد تلف وضاع خاصة وأن المسجد النبوي تعرّض لحريقين تسببا في إتلاف العديد من الأشياء القيمة (٤).
ونستطيع القول إن المسجدين المكي والمدني حظيا بأهمية علمية كبيرة لكثرة العلماء والمؤلفات فيهما وهما الأساسان في صبغهما بتلك الأهمية وجعلهما مقصدا لطلبة العلم.
ويجدر بنا أيضا الإشارة إلى ما للحجاج من دور في نشر العلم أثناء سيرهم إلى الحجاز فركب الحجيج يضم آلاف المسلمين فهم في أثناء سيرهم يتدارسون ويتلقون العلم كما أشار ابن رشيد إلى ذلك (٥).
__________________
(١) محمد المنوني : الجزيرة العربية في الجغرافيات والرحلات المغربية وما إليها ، مصادر تاريخ الجزيرة العربية ، ج ٢ ، ص ٣٠١.
(٢) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ١٠٠ ـ ١٠١.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧١ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٧.
(٤) احترق المسجد النبوي الشريف للمرة الأولى في رمضان عام ٦٥٤ ه / ١٢٥٦ م ولم يسلم من هذا الحريق إلا بعض صناديق للكتب الموجودة في القبة الواقعة بوسط صحن المسجد والمصحف الشريف العثماني ، واحترق في المرة الثانية في سنة ٨٨٦ ه / ١٤٨١ م فاحترقت كتب أخرى موجودة في المسجد من ضمنها معظم كتب السمهودي. انظر السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٢ ، ص ٥٩٨ ـ ٦٠٠ ؛ السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ٣ ، ص ٢٣١.
(٥) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٥ ـ ٦ ، ١٠.