وما جاء به البلوي من وصف المدينة نقله حرفيا عن ابن جبير ؛ لذا لن نفصل القول فيه فهو قد أعاد وصف شيء قد مضى عليه أكثر من قرن ونصف من الزمان حيث إنه لم يظل الوضع كما كان سابقا إذ رأينا بعض التغييرات في وصف العبدري لها وعليه فالبلوي لم يقدم شيئا جديدا يفيد البحث.
جدّة :
ورد ذكرها في رحلة ابن جبير والتجيبي وابن بطوطة ، وكانت في زمن رحلة ابن جبير ضئيلة الشأن. فهي عبارة عن قرية على ساحل البحر ، وخارج حدودها مصانع وصهاريج قديمة دالة على قدم إنشائها. إذ قيل إنها من آثار الفرس كما أشار إلى وجود الجباب المحفورة في الحجر متصلة ببعضها كثيرة العدد. وهى داخل جدّة وخارجها ووصل عددها إلى ما يزيد على ثلاثمائة وستين جبا داخلها ومثلها خارجها (١).
وتميزت جدة بقلة وضآلة اقتصادها وعمرانها على الرغم أنها كانت محطة استقبال الحجيج ومركزا لجباية المكوس والضرائب التي لم تصرف على تحسين أوضاعها.
وخلال رحلة التجيبي لم يطرأ تحسن على أحوال جدّة إلا أنه قام بضبط اسمها وجزم بأنه بالضم لا غير (٢).
وحدد المسافة بينها وبين مكة المكرمة بأربعين ميلا. وأكد أنها من بناء الفرس. وأن ملوكها امتهنوا التجارة. فهي محطة للسفن القادمة من الهند وعدن
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٥٤.
(٢) أجمعت المصادر على أنها بالضم لا غير وتلى ذلك بحث قدمه الاستاذ عبد القدوس الأنصاري يحتم فيه ضمها أيضا. انظر البكري : معجم ما استعجم ، ج ٢ ، ص ٣٧١ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ١١٤ ؛ ابن منظور : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١٠٨ ؛ عبد القدوس الأنصاري : موسوعة تاريخ جدة ، ج ١ ، ص ٤٥ ـ ٥٣ ؛ عبد القدوس الأنصاري وعبد الفتاح أبو مدين وأبو تراب الظاهري : التحقيقات المعدة بحتمية ضم جيم جدة ، ص ١٥ ـ ١٦ وما تلاها ؛ نوال ششة : جدة في مطلع القرن العاشر الهجري ، ص ٢١ ـ ٢٢.