ولكن لا يمنع هذا من أن رحلة ابن وهب ذات أهمية من وصف الصين. وليس أدل على ذلك من نقل المسعودي عنه في معرض كلامه عن وصف الصين ، وخاصة مدينة خانقوا.
ومن الملاحظ أن الدينوري أشار إلى أحداث القصة السابقة ونسبها إلى عبادة ابن الصامت (١) وأنها وقعت في القسطنطينية (٢).
فهذه القصة اختلفت تفاصيلها ورواياتها وأماكن حدوثها. فقصة عبادة وهي الأقدم حدثت في القسطنطينية. أما قصة ابن وهب وهي الأحدث حدثت في الصين ؛ مما يضعنا في شك من حدوث هذه الواقعة المتعلقة برواية صور الأنبياء. أما ما عداها فلا نستبعد حدوثها ، خاصة وأنها قد شملت وصفا للصين وأهله وهذا يدفعنا إلى القول : أن روايات الرحالة الأوائل تقترن غالبا بالأساطير والخيالات التي لا ترقى إلى درجة اليقين.
وعلى كل فعبادة بن الصامت لم يحدث أن ذهب إلى القسطنطينية ؛ لأن هرقل لم يكن موجودا آنذاك بها ؛ بل كان يقيم بسوريا ولم يرحل عنها إلا بعد فتح قنسرين ؛ وذلك في سنة ١٥ ه / ٦٣٦ م أو ١٦ ه / ٦٣٧ م في خلافة عمر ابن الخطاب حيث غادرها وقال مقولته المشهورة" السلام عليك يا سورية سلام لا اجتماع بعده" (٣). وأبو بكر كما هو معروف توفي قبل ذلك.
ومن الرحلات التى انطلقت من غرب العالم الإسلامي ومن أفريقيا خاصة رحلة سلطان مملكة مالي السلطان محمد بن قو وقد أخذت رحلته طابعها
__________________
(١) عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن قوقل واسمه غنم بن عوف بن عمرو ابن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي شهد العقبة الأولى والثانية وبدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم استعمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم على بعض الصدقات وجمع القرآن في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم وكان يعلم أهل الصفة القرآن وأرسله عمر بن الخطاب بعد فتح الشام لتعليم الناس القرآن وتفقيههم الدين وهو أول من ولي قضاء فلسطين توفي سنة ٣٤ ه / ٦٥٤ م. بالرملة وقيل في بيت المقدس وهو ابن اثنتين وسبعين سنه. انظر ابن الأثير : أسد الغابة ، ج ٣ ، ص ٥٦ ـ ٥٧.
(٢) الدينوري : الأخبار الطوال ، ص ١٨ ـ ١٩.
(٣) ابن الأثير : الكامل ، ج ٢ ، ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤.