هبار بن الأسود (١). وكان خروجه إلى الصين في أيام ثورة صاحب الزنج (٢) بالبصرة.
ومما ورد في فحوى رحلة ابن وهب القرشي إلى الصين وجود المسلمين بها وحسن معاملتهم وسعة علم ملك الصين بأحوال الممالك والبلدان الأخرى في ذلك الوقت. وقد وصلت إلينا رحلة ابن وهب القرشي عن طريق قصاص هو أبو زيد حسن ويظهر أنه كان مغرما بجمع القصص والحكايات الغريبة من المسافرين ؛ فابن وهب لم يدون رحلته وإنما حفظت لنا برواية أبي زيد حسن التي رواها عنه المسعودي (٣). وقد ذكر المسعودي اتصال ابن وهب بملك الصين وإنعامه عليه ورؤيته لصور الأنبياء السابقين وخاصة" صورة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم على جمل وأصحابه محدقون به في أرجلهم نعال عربية من جلود الإبل وفي أوساطهم الحبال قد علقوا فيها المساويك" (٤).
والواقع أن هذا الأمر غير مقبول من الناحية العلمية. ويمكن تعليل ذلك بأن تكون هذه الرقاع مكتوب عليها صفات الأنبياء ، وصفة أقوامهم ، ولمن أرسلوا ، فزيدت عليها بعض الروايات ، خاصة وأن صاحب الرحلة لم يدون رحلته.
كما نجد أن الأمر كان موضع شك لدى المسعودي نفسه. فقد ذكر في بدايه كلامه عن مشاهدة ابن وهب لصور الأنبياء بقوله : " ويزعم هذا القرشي"
__________________
(١) هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزي بن قصي القرشي أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه وصحب النبى صلىاللهعليهوسلم. انظر أبن الأثير : أسد الغابة ، ج ٤ ، ص ٦٠٨.
(٢) يدعى صاحب الزنج إنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب وهو نسب غير صحيح استمال قلوب العبيد من الزنج بالبصرة ونواحيها فاجتمع إليه منهم خلق كثير وعظم شأنه فعاث فسادا بالبلاد العراقية والبحرين وهجر ودامت الحرب بينه وبين الدولة العباسية سنين كثيرة إلى أن تغلب عليه الجيش العباسي حيث أبيد جيش صاحب الزنج وقتل وحمل رأسه إلى بغداد. انظر ابن الطقطقا : الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية ، ص ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٣) المسعودي : مروج الذهب ، ج ١ ، ص ١٤٢ ـ ١٤٥ ؛ أحمد رمضان أحمد : الرحلة والرحالة المسلمون ، ص ٤٢ ـ ٤٣ ؛ علي محسن عيسى مال الله : أدب الرحلة عند العرب في المشرق ، ص ٥٠ ؛ زكي محمد حسن : الرحالة المسلمون في العصور الوسطى ، ص ١٩ ـ ٢٠.
(٤) المسعودي : مروج الذهب ، ج ١ ، ص ١٤٤.