الاقصادية هناك وقال : إن قوام تجارتهم جلد السمور (١) وإن لديهم الكثير منه وهو يعيش في النهر. كما اشتهرت بلادهم بكثرة نوع معين من الزواحف وهو الحيات (٢).
وتميزت بلاد البلغار بكثرة الصواعق ، فأدت لوجود بعض الخرافات تتمثل في أنه إذا وقعت صاعقة على منزل أحدهم تركوا المنزل ولم يقربوا منه حتى يتلف مع الزمن. ويعللون ذلك بأنه موضع مغضوب عليه (٣).
إن رحلة ابن فضلان كانت تسجيلا حيا لما كان عليه أهل تلك المملكة في جميع نواحي حياتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية. وهي بذلك وصف متكامل ولم يعتمد فيه على الذاكرة.
بالإضافة إلى أن أسلوبه في الوصف مترابط سهل مفهوم ويمكن أن يعد من النثر العلمي. ويمكن أن يقال عنها أيضا رسالة رائدة في أدب الرحلات (٤).
وهي بهذا تقرب من خصائص كتابات الرحالة المغاربة والأندلسيين في نواح كثيرة.
وهناك نوع آخر من الرحلات كان الدافع لها شخصي وهو حب الترحال مثل رحلة ابن وهب القرشي.
رحلة ابن وهب القرشي إلى الصين :
كل ما نعرفه عن ابن وهب القرشي أنه من أصحاب الجاه والثروة من ولد
__________________
(١) (السمور) دابه معروفة تصنع من جلودها فراء غالية الثمن وهو حيوان يكثر في بلاد الروس وراء الترك يشبه النمس ومنه أسود لا مع وأشقر. أنظر ابن منظور : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣٨٠.
(٢) ابن فضلان : رحلة ابن فضلان ، ص ١٢٧ ؛ القزويني : آثار البلاد وأخبار العباد ، ص ٦١٦ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٤٨٨.
(٣) ابن فضلان : رحلة ابن فضلان ، ص ١٢٧ ، ١٣٢.
(٤) على محسن عيسى مال الله : أدب الرحلة عند العرب في المشرق ، ص ١٠٧.