انتقال الملك إليه جعلنا نعرف القليل من المعلومات عن هذه الرحلة. وهي كما ذكرها السلطان منسا موسي" إن الذى قبلي كان يظن أن البحر المحيط له غاية تدرك فجهز مائتي سفينة وشحنها بالرجال والازواد التي تكفيهم سنين وأمر من فيها أن لا يرجعوا حتى يبلغوا نهايته أو تنفذ أزوادهم فغابوا مدة طويلة ثم عادت منهم سفينة واحدة وحضر مقدمها فسأله عن أمرهم فقال : سارت السفن زمانا طويلا حتى عرض لها في البحر في وسط اللجة واد له جرية عظيمة فابتلع تلك المراكب وكنت آخر القوم فرجعت بسفينتي فلم يصدقه فجهز ألفي سفينة ألفا للرجال وألفا للأزواد واستخلفني وسافر بنفسه ليعلم حقيقة ذلك فكان آخر العهد به وبمن معه" (١).
فهذا السلطان آثر الترحال والتنقل مضحيا بسلطانه في سبيل الاستكشاف. ويرى أهل المغرب أن الإبحار غربا مخاطرة غير محمودة العواقب حيث ساد الاعتقاد أن الساحل الغربي للمغرب والأندلس هو نهاية الأرض المعمورة ويدلل على ذلك ما أشار إليه سلطان مملكة مالي منسا موسي في قوله" إن الذى قبلي كان يظن أن البحر المحيط له غاية تدرك". ويفهم مما سبق عدم اقتناعه باعتقادات السلطان السابق.
ونلاحظ أنه من بين المؤيدين لهذه الفكرة المؤرخ المسعودي. إذ أشار إليها في كتابه مروج الذهب. أما تفاصيل ذلك فقد أوردها في كتابه أخبار الزمان ولكن لم يصلنا. وقد وصف المسعودي القائمين بتلك الرحلات في البحر المحيط قائلا : " من غرر وخاطر بنفسه في ركوبه" (٢).
وعقب المسعودي بعد هذا بإضافات مقتضبة مفادها هلاك بعض الرحالة فيه ونجاة آخرين استطاعوا وصف ما شاهدوه ومنهم :
__________________
(١) ابن خلدون : العبر ، ج ٦ ، ص ٢٠٠ ، ٥ ، ص ٤٣٤ ؛ القلقشندي : صبح الأعشى ، ج ٥ ، ص ٢٨٣
(٢) المسعودي : مروج الذهب ، ج ١ ، ص ١١٩.