رحلة خشخاش في البحر المحيط :
ذكر المسعودي" أن رجلا من أهل الأندلس يدعى خشخاش من فتيان قرطبة وأحداثها جمع جماعة من أحداثها وركب بهم مراكب استعدها في هذا البحر فغاب فيه مدة ثم انثنى بغنائم واسعة وقال إن خبره مشهور عند أهل الأندلس" (١).
ولم يتم تدوين هذه الرحلة وإنما انتشرت شفويا بين أهل الأندلس ، ودونت فيما بعد في كتب الجغرافيين المسلمين ؛ لذا لا نعرف عنها الشيء الكثير سوى ما أورده هؤلاء الجغرافيون. وممن ذهب في البحر المحيط وعاد ليقص علينا مشاهداته الفتية المغرورون أو المغررون وأغلب الظن تسميتهم بالمغرورين أو المغررين نسبة للاعتقاد السائد في ذلك الوقت فيمن يبحر في البحر المحيط بأنه يغرر بنفسه إذ لا توجد أرض بعد البحر المحيط فسموا المغررين أو المغرورين لتغريرهم بأنفسهم.
وقد ذكر كراتشكوفسكي رأي METZ متز في أنه يجب قراءة اسمهم بالمغربين أي الضاربين غربا وقد رفض كراتشكوفسكى هذا الرأى لوروده في الكتب السابقة بلفظ المغررين أو المغرورين (٢).
وهذا مما يدعم القول في أن الاسم إنما أطلق عليهم بسبب اعتقادهم بوجود الأرض عقب البحر المحيط وقد لاقت هذه القصة انتشارا واسعا وحمل أحد طرق لشبونة (٣) اسم درب المغررين (٤). تأكيدا لشهرتها.
وتقودنا الرحلة إلى القول : بأنه على الرغم من الاعتقاد السائد من أن البحر المحيط لا أرض بعده وبالرغم من تسميته ببحر الظلمات تحذيرا من
__________________
(١) المسعودي : مروج الذهب ، ج ١ ، ص ١١٩ ؛ الحميري : الروض المعطار ، ص ٥٠٩.
(٢) كراتشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ج ١ ، ص ١٣٧.
(٣) (اشبونه أو لشبونه) بالأندلس مدينة قديمة بغربي باجه على ساحل المحيط الأطلسي وهي عاصمة البرتغال الآن وكان اسمها قديما قوديه. أنظر الحميري : الروض المعطار ، ص ٦١.
(٤) المصدر السابق والصفحة ؛ زكي محمد حسن : الرحالة المسلمون في العصور الوسطي ، ص ٤٧.