الإبحار فيه ، إلا أن الرغبة في الكشف عن المجهول كانت أقوى لدى بعض لأفراد فقامت بعض المحاولات في سبيل ذلك. فمن هذه الرحلات ما وصلنا معلومات عنها ومنها ما لم يصلنا (١). مما يقودنا إلى الافتراض ، أنه ربما عن طريقه وصل المسلمون إلى أمريكا وعرفوها قبل كولومبس. ولكن نظرا لعدم وجود إثباتات تدعم هذا الافتراض اللهم إلا أخبارا شفوية متواترة بين الناس (٢) تناقلها الجغرافيون المسلمون وربما خالطها الكثير من الأساطير.
وما يهمنا هنا رحلة الفتية المغررين وإبحارهم في البحر المحيط وعودتهم ومع عدم تدوينهم للرحلة إلا أنه وصلتنا أخبارها.
رحلة الفتية المغررين أو المغرورين :
ومجمل رحلتهم إنهم ثمانية رجال كلهم أبناء عم خرجوا من مدينة لشبونة وأبحروا في بحر الظلمات ، غايتهم التعرف على ما فيه وإلى اين منتهاه ، فانتظروا موسم هبوب الريح وتزودوا بمؤن تكفيهم أشهرا وساروا غربا في خط مستقيم نحو أحد عشر يوما ، لم يكن في مقدورهم السير في هذا الطريق لكثرة الصخور وارتفاع الأمواج وعدم نقاء الهواء ، فاتجهوا جنوبا خوفا على أنفسهم. وقد ذكر شكيب أرسلان أنهم لو استطاعوا مواصلة ذلك الطريق لأصبح في إمكانهم الوصول إلى ساحل أمريكا الشمالية (٣).
واستمروا في الإبحار جنوبا اثني عشر يوما فوصلوا إلى ساحل جزيرة أطلقوا عليها اسم جزيرة الغنم لكثرتها هناك والتي تميزت بمرارة لحومها.
وقد ذهب بعض العلماء الأوربيين إلى أنها إحدى جزر أزور والتي ينبت بها نوع من الأعشاب تقتاب به الماعز أدى إلى مرارة لحومها (٤). بينما ذكر كراتشكوفسكي إنها إحدى جزر الأنطيل أو ما ديره. (٥)
__________________
(١) كراتشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ج ١ ، ص ١٣٦.
(٢) شكيب أرسلان : الحلل السندسية ، ج ١ ، ص ٩٣.
(٣) المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٩٤.
(٤) زكي محمد حسن : الرحالة المسلمون في العصور الوسطى ، ص ٥٠.
(٥) شكيب أرسلان : الحلل السندسية ، ج ١ ، ص ٩٤ ؛ كراتشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي ، ج ١ ، ص ١٣٧.