الغزال من كبار أهل دولته. وكان مشهورا بالشعر والحكمة ، فأحسن أداء سفارته فأصبح لعبد الرحمن مكانة كبيرة لدى منازعيه من بني العباس ؛ دلالة على نجاح سفارة الغزال.
وكان عمر الغزال وقت رحلته إلى القسطنطينية قد شارف الخمسين من العمر (١). واختلفت المصادر القديمة فيما يتعلق بسفارة الغزال أكانت للقسطنطينية في المشرق أم إلى بلاد المجوس (ما يعرف بالدنمارك الآن) في الشمال (٢).
فمن المؤرخين من يرى أن رحلة الغزال موجهة إلى القسطنطينية برسالة لملك الروم (٣) ومنهم من أوردها إلى القسطنطينية وبلاد المجوس (٤) ، ومنهم من نظر إليها بشك كبير (٥) ، في حين أيدها فريق آخر (٦). وسواء كانت إلى القسطنطينية بالمشرق أو إلى بلاد المجوس في الشمال فقد قام الغزال فيها بتسجيل مشاهداته لكل ما يمر به. وربما تكون له سفارتان بسبب اختلاف المصادر حولها. ولكن أخبار سفارته إلى القسطنطينية واضحة المعالم.
أما الثانية فرواياتها مضطربة ومختلطة بأخبار سفارته الأولى. ولعل السبب في ذلك ناتج من أن سفارته الثانية لبلاد المجوس ، هي جزء من
__________________
(١) المقري : نفح الطيب ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٢) عبد الرحمن حميدة : أعلام الجغرافيين العرب ، ص ١٣٨ ؛ حكمه على الأوسي : يحيى بن الحكم الغزال ، مجلة المجمع العلمي العراقي ، ج ٢١ ، سنة ١٣٩١ ه / ١٩٧١ م ، العراق.
(٣) الحميدي : جنوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس ، ج ٢ ، ص ٥٩٧ ؛ الضبي : بغية الملتمس ، ص ٥٠٠.
(٤) المقري : نفح الطيب ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ، ج ٢ ، ص ٢٥٧ ؛ الحجي : التاريخ الأندلسي ، ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ؛ محمد زيتون : المسلمون في المغرب والأندلس ، ص ٣٠٢.
(٥) أحمد مختار العبادي : تاريخ المغرب والأندلس ، ص ١٥٢ ـ ١٥٤ ؛ أحمد مختار العبادي : في التاريخ العباسي والأندلس ، ص ٣٥٣ ـ ٣٥٤.
(٦) حسين مؤنس : معالم تاريخ المغرب والأندلس ، ص ٢٩١ ـ ٢٩٢.