صغيرة ، وبها بساتين وأشجار كثيرة ، وفيها جامع لطيف بالدفوف الثقيلة مفروش ، وبه منبر لعله من الخشب لكنه مستور بالجص المنقوش ، وبه تختات مرتفعة زيادة فيه كالسدّة (١) ، لكنها أكثر من نصفه تسع من المصلين عدّة [٤٦ ب] ، وأقمنا به من ذلك الوقت إلى العصر ، ثم سرنا إلى الخيام بعد أن دعا لنا جماعة ممن حضر الصلاة والإمام ، وخارجه منارة عالية ذات طول مديد ، وهي مفردة في المدينة ترى من خارجها من نحو نصف بريد ، والبرد فيها موجود ، والقطر غير مدفوع ولا مردود ، ولا يدرك بها من الزرع شيء كالقمح وما شابهه ، ولا غير القراصيا من جنس الفاكهة ، وهي شقراء وبعضها شقة بيضاء وشقّة حمراء ، فنزلنا خارج المدينة بمرج أفيح ، فيه للطرف مسرح وللخواطر مسنح ، زكي المرابع (زهي المراتع) (٢) ، يجري إلى جانبه نهر نهاية في العذوبة والخصر ، فارتاحت الأنفس من الحصر والألسن من الخضر ، ونسيت بحلاوة اليوم ما مرّ بالأمس ، وباشرت الملاذ بالحواس الخمس ، فأقمنا بقية ذلك النهار ثم ليلة الجمعة رابع عشر الشهر إلى وقت الاستغفار ، وانقطع منّا فيها لمواصلة السير جماعة ، منهم الشيخي [٤٧ أ] البرهاني ابن جماعة ، ثم سرنا من ذلك المكان وقد : [من الرّمل]
كحّل الفجر لنا جفن الدّجى |
|
وغدا في وجنة الصبح لثاما |
تحسب البدر محيّا ثمل |
|
قد سقته راحة الصبح مداما (٣) |
ولم نزل نسير ونسري ، وننزل منازل لا نعلم اسمها ولا ندري ، حتى سرينا (٤)
__________________
(١) وردت في (ع): «كالشدة».
(٢) ما بين القوسين زيادة من (م).
(٣) البيتان في معاهد التنصيص ٢ : ٥٦ منسوبة لأبي زكرياء المغربي.
(٤) وردت في (ع): «وصلنا».