يخصب بها روض الحياة ، وتسحب ذيل صفائها على صفاء (١) ذلك المحل وحصاة ، كما قيل : [من الوافر]
وضاحية وردت بها غديرا |
|
يقدّر (٢) من صفاء الماء أرضا |
كأن الوحش حين تغبّ فيه |
|
يقبّل بعضها للشّوق بعضا |
فأقمنا به بقية يوم الأحد ، ثم ليلة الاثنين بالكمال ، ثم عزمنا وجه الصبح المسفر عن سابع عشر شوال ، على الترحّل والانتقال ، والتحوّل والارتحال ، فلم نزل نجوب في فياف ومهامة ، ونجول بين أنهار ومنازه ، ورياض قد تولاها الولي ، ووسمها الوسمي ، وجمشتها نسمات الرياح ، وأظلتها رايات الصباح ، وغازلت كواكب الفجر عيون نرجسها الوقاح ، وباكرت الصبا (٣) تقبيل ثنايا نورها : [من السريع]
من قبل أن ترشف شمس الضحى |
|
ريق الفؤاد من ثغور الأقاح |
إلى أن نزلنا بمرج متسع الساحة ، كبير المساحة ، مرتع النواظر ، [٤٨ ب] ومتنفس (٤) الخواطر ، تسفر كل ناحية منه عن خد روض أزهر ، وعذار نبت أخضر ، وتبسم عن ثغر حباب في نهر كالحباب ، وترفل من الربيع في ملابس سندسيات ، وتهدي نوافح مسكيات ، وتزهى من بهجتها بأحسن منظر ، وتتيه بجلباب أينع من برد الشباب وأنضر ، فقيّلنا به ذلك النهار ، ونقعنا الغلّة من الماء البارد ، ونفعنا العلة من النسيم المعطار (٥) ، ولم نزل نسير بين تلك الأزهار والأنهار ، في العشايا والأبكار ، حتى
__________________
(١) وردت في (ع): «صفاة».
(٢) وردت في (ع): «بقدر».
(٣) سقطت هذه الكلمة من (ع).
(٤) وردت في (ع): «ومنتفس».
(٥) وردت في (ع): «العطار».