صرخة كادت روحه تخرج معها ، وقال : نعم ، هكذا والله رأيت ، ثم قام من المجلس وهو مضطرب متواجد ، فما كان إلّا دون الشهر ومات وفا المذكور. وحكى لي عنه أيضا غير ذلك ، وكراماته ، رضياللهعنه ، أكثر من أن تحصر ، وقد ذكرت منها جانبا في القصيدة القافيّة التي رثيته بها ، وسأذكرها قريبا إن شاء الله تعالى.
وأخبرني عن قاضي القضاة محب الدّين بن الشّحنة عمن ينقل عنه من أهل العرفان والعلم ، أنّ من قرأ آية الكرسي إحدى عشرة مرّة عند قصده حاجة أو دخوله على كبير ، فإنه يقضي حاجته ويعظم في عين ذلك الكبير ، ولم يزل في حرز وحماية [٧٦ أ] ونجاح مقصد وكفاية ، (وقد نقلت ذلك أيضا عن بعض من اعتقد فيه الصلاح ، وذكر أنها تقرأ سبع عشرة مرّة) (١) ، ونقل عن بعض الصلحاء من أهل مصر أنه من قرأ بعد العطاس فاتحة الكتاب ثم قوله تعالى : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)(٢) ومرّ بلسانه على أسنانه جميعها ، فإنها تحفظ من الآفات ، ولا يصيبه منها سوء ، ومما أنشدنا إياه من نظمه ، فسح الله في أجله ، ونفع بعلمه قوله ، وهو معنى مخترع : [من الوافر]
أحبّ من البريّة كلّ سمح |
|
قريب المستقى سهل القياد |
إذا ناداه مفتقر لبرّ |
|
أجاب نداه قبل صدى المنادي |
وقوله مضمّنا : [من مجزوء الرّجز]
دع الهوى واعزم على |
|
فعل التّقى ولا تسل |
فآفة الرأي الهوى |
|
وآفة العجز الكسل (٣) |
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٢) سورة يس الآيات ٧٨ ، ٧٩.
(٣) البيتان في الكواكب السائرة ٢ : ١٦٤.