للسلو أو عيبا أركن به إلى الراحة والهدوء قال الاختبار لا سبيل إلى ذلك ، وجعل يعرض عليّ من حسناتها ما جلى به ظلام الليل الحالك (١) ، ولو لا أني أرجع إلى جميل الصبر بعد الذهاب ، وأعلل النفس بتنفس الكرب بقرب الإياب ، لأمسيت أثرا بعد عين ، ولكنت أحد من قتله يوم البين : [من الكامل]
البين جرّعني نقيع الحنظل |
|
والبين أثكلني وإن لم أثكل |
ما حسرتي (٢) أن كنت أقضي إنما |
|
حسرات قلبي أنني لم أفعل |
نقّل فؤادك ما استطعت من الهوى |
|
ما الحبّ إلّا للحبيب الأول |
كم منزل في الأرض يألفه الفتى |
|
وحنينه أبدا لأول منزل (٣) |
وهذه عادة الأيّام (٤) في اعتقاب تجميعها بتفريقها ، وإسراقها كل نفس بريقها ، لا تجمع شملا (٥) إلّا شتّته ، ولا تصل حبلا إلّا بتّته ، من أطاعها عصته ، ومن داناها أقصته ، ومن وصلها قطعته ، ومن نزع إليها نزعته ، ومن أرضاها أغضبته وأحرجته ، ومن سكن (٦) دارها أزعجته وأخرجته ، بصّرنا الله تعالى بمعايبها ، وأعاذنا من بلاياها ومصائبها بمنه وكرمه آمين ، إنّه أرحم الراحمين. [١١٦ ب]
ومما فتح الله به في تلك البيوت من الأبيات ، ولو لا تقريض السيّد المولى لها لما
__________________
(١) وردت في (ع): «الهالك».
(٢) وردت في (ع): «يا حسرتي».
(٣) الأبيات لأبي تمام ، انظر ديوانه ص ٤٠٧.
(٤) وردت في (ع): «الدنيا».
(٥) وردت في (ع): «سهلا».
(٦) وردت في (ع): «شكر».