ولما رأى دمعي مراقا أرابه |
|
بكائي فاستولى على الغصن النضر |
وحثّ (١) جناحيه وصفّق طائرا |
|
وطار بقلبي حيث طار ولا أدري (٢) |
ولم نزل هناك ليالي وأياما آمنين ، وأعيان المدينة يهرعون إلينا مسلّمين وداعين وملتمسين للدّعاء ومؤمنين ومعظّمين ومبجّلين ومكرّمين ، [١١٥ ب] ونحن في لذّة عيش ، سالمين من الكدر والطيش ، لو لا ما يعترضه من تذكر البلاد ، والتألم لمفارقة الأهل والأولاد ، فكان كلّما هنئ العيش تنغّص ، وكلّما ازداد الأنس تنقّص ، وكلما هممنا ببسط وانشراح أدركنا بسيط هم وأتراح ، كما قيل : [من البسيط]
منغص العيش لا يأوي إلى دعة |
|
من كان ذا بلد وكان ذا ولد |
والساكن النفس من لم ترض همتّه |
|
سكنى بلاد ولم يشكو (٣) إلى أحد (٤) |
ولو لا ما منّ به تعالى من مجالسة مولانا السيد ليلا ونهارا ، وتملينا بطلعته السعيدة عشيا وأبكارا ، وتحلينا بدرر ألفاظه ومؤانسته مساء وأسحارا ، لتفتت القلب جدادا وانفطر الكبد انفطارا ، فكنت أرتاح بروح مؤانسته ارتياح اللهفان للنسيم البليل ، وأشفى بمكالمته كلم القلب العليل ، وأروى برؤيته ما به من الغليل ، وأدخل في الليل حالة السكون بقلب خافق فيه من الأدواء دخيل ، وأتلقى المنام بطرف شحيح بالكرى بخيل ، وكلما فتشت للأوطان في [١١٦ أ] فكري ذنبا أجعله سببا
__________________
(٢) وردت في (ع): «وحب».
(١) الأبيات موجودة في : المغرب في حلى المغرب ١ : ٢٥١ وتاج المفرق ١ : ٢٣٩ ـ
(٣) وردت في (م) و (ع): «يشكر».
(٤) البيتان لسهل بن مالك الأزدي الغرناطي وموجودة في نفح الطيب ٢ : ١١٢.