ثم آب الحاج مصطفى من غيبته ، وقرب المسافة من أوبته ، وحيّانا بسلامه وتحيته ، ثم أعادنا إلى منزله وعقوته (١) ، بعد أن عقد في قسمه علينا وأليّته ، (فعدنا إليه) (٢) وحللنا لديه في تلك الغرفة المذكورة آنفا ، فشاهد منها مشارقا للإنس ومشارفا ، وهو يهدي إلينا من تحف هداياه لطائفا ، وقد أحاط بنا من سائر الجهات بستان ذو أفياء وأفنان ، (وزهور مدبّجة الألوان) (٣) ، وعرائس مسرحات زاهية ، وعرائش كرمات عالية ، ذات قطوف دانية ، [١١٥ أ] ونسيم معطار ، وحفيف أشجار ، وتغريد أطيار ، من شحرور وهزار (٤) ، يهيج كل منها لوعة الصب النازح الدار ، ويضرم في قلبه من أشواقه لاعج النار ، ويطير بقلبه أنّى طار ، كما قال في الإنشاد ابن حصن كاتب المعتضد ابن عباد : [من الطويل]
وما هاجني إلّا ابن ورقاء هاتف |
|
على فنن بين الجزيرة والنّهر |
مفستق طوق لا زورديّ كلكل |
|
وموشى الطّلى أحوى القوادم والظفر |
أدار على الياقوت أجفان لؤلؤ |
|
وصاغ (٥) على الأجفان طوقا من التبر |
حديد شبا المنقار داج كأنّه |
|
شبا قلم من فضة مدّ في حبر |
توسّد من فرع الأراك أريكة |
|
ومال على طيّ الجناح مع النحر |
__________________
(١) العقوه : الساحة والمحلة جمعها عقاء.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٤) وردت في (م): «من شحرور وعندليب وهزار».
(٥) وردت في (ع): «وضاع».