ولم نزل بذلك المكان (١) المذكور ، ننشر من الإنشاء زهر منثور ، وننظم من القصائد درر بحور ، ونحلى من نواشي الطروس بلآليء السطور ، معاقد خصور ولبات نحور ، وأتمتع من ذلك السيّد المولى بمجالسته ، وأتمنع إلّا عن مسامرته ومؤانسته ، وأرتشف من نمير زلال مفاكهة أحاديث أحلى من ارتشاف الرضاب ، وأغترف من بحر علومه فوائد لها عندي اقتضاء واقتضاب : [من الطويل]
أحاديث أحلى في النفوس من المنى |
|
وألطف من مرّ النسيم إذا سرى (٢) |
فيا لها من أيام غرر جلت غسقا وتعالت نسقا ، وبثت من [١٢٦ أ] علوم ونشت من منثور ومنظوم ، وذكرت أيامنا بالبلاد الشّاميّة ، التي هي بالمحاسن موشية (٣) ، وبعكوفنا فيها على العلم بكرة وعشية ، فهناك كم من صارفة حرفت وعارفة عرفت وعقيلة عقلت وكلمة رمقت فومقت ومقلت فنقلت ، قد ناب فيها عن والدي هذا السيّد أبا شفيقا وعن أخوتي أخا برّا شقيقا : [من الطويل]
شقيق أخاء لا شقيق أخوة |
|
نسيب صفاء إن ذكرت نسيبا (٤) |
بل سيّد ومولى ومالك الرق والولاء ، ومنقذ بشريف فضله وتفضله نفسا أشرفت على البلاء ، يؤنسني في وحشتي تلك مأنسة ، ويقدّمني في كل الأمور على نفسه ، بل هو الروح الروحانيّة والنفس الإنسانيّة ، والقلب لكنه السليم من الانقلاب ، والعين لكنها القريرة بالأحباب ، قد رفعت من صدق الاتحاد الاثنينية بيننا ، ولو لا ملاحظة السيادة والعبودية لقلت له : يا أنا ، استغفر الله تعالى ، بل نلحظ مقام
__________________
(١) من هنا إلى منتصف الورقة [١٢٧ أ] يكثر الشطب وعدم وضوح الخط في (م).
(٢) البيت في تاج المفرق ٢ : ١٣٩ بلا عزو.
(٣) من هنا يظهر اضطراب الناسخ في (ع).
(٤) البيت في تاج المفرق ٢ : ١٣٩ بلا عزو.