عهدي به ميتا كأحسن نائم |
|
والطرف يسفح أدمعي في نحره |
[١٥ ب]
غصص تكاد تفيض منها نفسه |
|
ويكاد (١) يخرج قلبه من صدره |
لو كان يدري الميت ماذا بعده |
|
بالحيّ منه بكى له في قبره (٢) |
فأي رقاعة أعظم من هذه الرقاعة ، وأي خلاعة تشبه هذه الخلاعة ، والجنون فنون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وكان ديك الجنّ هذا ماجنا خليعا ظريفا مطبوعا مغفلا رقيعا ، عاكفا على القصف (٣) واللهو ، رافلا في ثياب المجون والزهو ، متلافا لما يحصله (من المال) (٤) ، وشعره في غاية الجودة والكمال ، ولقّب بديك الجنّ لأنه كان يصبغ لحيته وشاربه وحاجبه (٥) بألوان مختلفة ، ومات سنة خمس أو ست وثلاثين ومائتين (٦).
وقد رأيت أنا بجامع حمص منبرا معظّما قديما حسنا مطعّما ، وكأنه تخلخل وتضعضع ، وتقلقل وتقنع ، فسمّرت بعرضه دفة بيضاء ثقيلة خشنة عريضة طويلة غير مجلوة ولا مصقولة ، وهذا من قبيل ما سردناه ، ومن جنس ما أوردناه ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
(رجع) فلما أن دعى مؤذن حمص من المسلمين لصلاة الظهر وأذّن ، أجبناه
__________________
(١) وردت في (ع): «وتكاد».
(٢) الأبيات في الأغاني ١٤ : ٣٨.
(٣) وردت في (ع): «القصب» ، والقصف : اللهو واللعب (لسان العرب ٩ : ٢٨٣).
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٥) سقطت كلمة : «وحاجبه» من (ع).
(٦) سقطت كلمة : «ومائتين» من (ع).