وحدائق تشبيك وشى برودها |
|
حتى تشبهها شبائب عبقر |
يجري النسيم خلالها وكأنما |
|
غمست فضول ردائه بالعنبر (١) |
ومساكن حسنة بأهلها معمورة وأسواق بجميع ما يحتاج اليه مغمورة ، ويتوصل إليها من جسر عظيم على نهر سيحان ، ويمر بخلالها وجوانبها هذا النهر كالثعبان ، وعليه نواعير تسقي ما هناك من البساتين والغيطان ، وهي بمدينة حماة أشبه البلدان ، والنهر المذكور هو بسين مهملة مفتوحة ثم ياء تحتية بالسكون ثم حاء مهملة وآخره نون ، نهر عظيم يعدّ من الأنهار الكبار ، وهو يقارب في كبره نهر جيحان المار ، وهما كما قال النوويّ شيخ الإسلام وقطب الأنام على الإطلاق [٤١ أ] غير سيحون وجيحون اللذين هما من الجنّة بالاتفاق ، فنزلنا داخل باب المدينة في مسجد صغير ، وبجانبه بئر ماء عذب (٢) معين نمير ، فاسترحنا فيه ساعة حتى تكاملت الجماعة ، ثم دخلت جامعها الكبير وقت المغرب فصليتها فيه والعشاء معا ، واجتمع بي الإمام والمؤذن فسلّما عليّ والتمس كل منا من صاحبه الدّعاء ، ثم سرنا هجمة الدّيجور (٣) إلى محل الوطاق بشط النهر المذكور ، وهو مكان بديع قد عذب ماؤه ، وراق روضه ورق هواؤه ، وتفسحت مساحاته ومارجت أرجاؤه ، وقد أهدى اليه الربيع نوافحه (٤) ، وأسدى لواقحه ، وأسدل ملاحفه ، وأسبل مطارفه ، وألان معاطفه ، وأفاض معارفه ، وأصفى (٥) ملبسه ، ووشى سندسه ، وحدّق أحداقه ، وأرخى أوراقه : [من الطويل]
__________________
(١) البيتان في تاج المفرق ٢ : ١٥٤. وفي معاهد التنصيص ٢ : ٣٧ منسوبة لابن المعتز.
(٢) سقطت هذه الكلمة من (ع).
(٣) الدّيجور : الظّلمة الحالكة.
(٤) وردت في (ع): «نوافجه».
(٥) وردت في (م): «وأضفى».