سفيان في حجر وأصحابه ، ألا حبستهم في السجون وعرّضتهم للطاعون؟ قال : حين غاب عني مثلك من قومي.
قال الزبير (١) : وكان عبد الرّحمن من أشراف قريش ، وشهد الدار فارتثّ جريحا وكان له خمس عشرة بنتا ، فلما أتي به صحن وصاح معهن غيرهن ، فمرّ بهن عمّار بن ياسر فاستمع ثم مضى وهو يقول (٢) :
ذوقوا كما ذقنا غداة محجّر |
|
من الحرّ (٣) في أكبادنا والتحوّب |
يريد بذلك أن أبا جهل قتل أمه ، وما كانوا يعذبونه في الجاهلية ، وكان إذا مر بدار عبد الرّحمن بن الحارث وضع يده عليها ، وقال : إنّها محمومة ، يريد : إنها عثمانية.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا (٤) ، نا محمّد بن سعد.
قال فيمن أدرك النبي صلىاللهعليهوسلم ورآه ولم يحفظ عنه شيئا : عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي ، يكنى أبا محمّد.
قال الواقدي : أحسبه كان ابن عشر سنين حين قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، توفي في خلافة معاوية ، وروى عن عمر وكان في حجره.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد قال (٥) : ـ
فولد الحارث بن هشام : عبد الرّحمن وأمّ حكيم تزوّجها عكرمة بن أبي جهل ، ثم خلف عليها عمر بن الخطاب ، فولدت له : فاطمة ، وأمّها فاطمة بنت الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وكان عبد الرّحمن بن الحارث من أشراف قريش والمنظور إليه ، وله دار بالمدينة ربّة ـ يعني : كثيرة الأهل.
__________________
(١) تهذيب الكمال ١١ / ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٢) البيت في تاج العروس بتحقيقنا : مادة حوب ٢ / ٤٤٦ منسوبا إلى طفيل الغنوي.
(٣) التاج : «الغيظ» والتحوب : التوجع والشكوى والتحزن.
(٤) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد ونقله المزي في تهذيب الكمال ١١ / ١٤٧ عن ابن سعد.
(٥) طبقات ابن سعد ٥ / ٥ وتهذيب الكمال ١١ / ١٤٧.