كاختلافهم ، فقال : ارتفعوا عنّي ، ثم قال : ادع إليّ من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح ، فدعاهم ، فلم يختلف عليه منهم رجلان ، فقالوا : نرى (١) أن نرجع بالناس ، ولا نقدمهم على هذا الوباء ، فنادى عمر في الناس : إنّي مصبح على ظهر ، فأصبحوا عليه ، فقال أبو (٢) عبيدة بن الجراح : أفرار من قدر الله؟ فقال عمر : لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ـ ، وكان عمر يكره خلافه ـ نعم نفرّ (٣) من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كانت لك إبل كثيرة فهبطت واديا له عدوتان (٤) إحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله؟ وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال : فجاء عبد الرّحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته ، فقال : إن عندي من هذا علما ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» ، قال : فحمد الله عمر ، ثم انصرف [٦٩٣٧].
(٥) أخبرنا أبو القاسم زاهر (٦) بن طاهر ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا محمّد بن محمّد بن أحمد ، أنا محمّد بن محمّد بن سليمان ، نا سويد ـ يعني ابن سعيد ـ نا مالك (٧) ـ يعني ابن أنس ـ عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عبد الحميد بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب ، عن ابن بشر (٨).
أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية ، (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
__________________
(١) عن م وبالأصل : ترى.
(٢) عن م والموطّأ ، وبالأصل : أبا.
(٣) عن م والموطّأ ، وبالأصل : يفر.
(٤) عدوتان مثنى عدوة ، وهي جانب الوادي.
(٥) قبله ورد في المطبوعة ، وقد سقط من الأصل وم ، وتعميما للفائدة نثبته هنا ، وروايته :
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أخبرنا شجاع بن علي الصوفي أخبرنا محمد بن إسحاق بن مندة ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، نا محمد بن مسلم بن زرارة ، نا سعيد بن عبد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، حدثني أبي عبد الكبير ، عن عمي عمر بن عبد الحميد ، عن جدي عبد الحميد بن عبد الرحمن قال :
أتينا عبد الله بن عباس وهو مسند ظهره إلى سارية من سواري مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلمت عليه ، وانتسبت إليه ، فقال لي أنت ابن العامرية؟ قلت : نعم. فأخذ بيدي وأدناني منه حتى لصقت ركبتي بركبته ، فقلت : يا عم ، أخبرني عن الوضوء ، فقبض يده ثم بسطها وقال : سألت عمك عمر بن الخطاب عن الوضوء فقبض على يدي وقال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الوضوء ففعل مثل ذلك وقال : الوضوء ثلاثا ثلاثا.
قال ابن مندة : هذا حديث غريب بهذا الإسناد.
(٦) «زاهر بن» استدركت على هامش م.
(٧) الحديث في موطأ مالك باب النهي عن القول بالقدر ح رقم ١٦١٨.
(٨) عن م والموطأ وبالأصل : بشار.