غرماءه ثبتوا عندك ، وقد قسطت لهم من ماله ، فاجعلنا كأحدهم ، فقال أبو خازم : قل لأمير المؤمنين ـ أطال الله بقاءه ـ ذاكر لما قال لي وقت قلّدني : أنه قد أخرج الأمر من عنقه وجعله في عنقي ، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدّع إلّا ببيّنة ، فرجع إليه طريف فأخبره فقال : قل له : فلان وفلان يشهدان ـ يعني لرجلين جليلين كانا في ذلك الوقت ـ فقال : يشهدان عندي وأسأل عنهما ، فإن زكّيا قبلت شهادتهما وإلّا أمضيت ما قد ثبت عندي ، فامتنع أولئك من الشهادة فزعا ، ولم يدفع إلى المعتضد شيئا.
قال (١) : وثنا التنوخي ، أخبرني أبي ، حدّثني أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله الكاتب البغدادي ـ المعروف أبوه بأبي قيراط ـ حدّثني أبي ، حدّثني وكيع القاضي قال : كنت أتقلد لأبي خازم وقوفا في أيام المعتضد منها وقوف الحسن بن سهل فلما استكثر المعتضد من عمّارة القصر المعروف بالحسني (٢) أدخل إليه بعض وقوف الحسن بن سهل التي كانت في يدي ومجاورة القصر ، وبلغت السنة آخرها ، وقد جنيت (٣) مالها إلّا ما أخذه المعتضد فجئت إلى أبي حازم فعرفته اجتماع مال السنة واستأذنته في قسمته في سبيله وعلى أهل الوقف ، فقال لي : فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟ فقلت له : ومن يجسر على مطالبة الخليفة ، فقال : والله لأقسمت الارتفاع (٤) أو تأخذ ما عليه ، وو الله إن لم يزح العلة لا وليت له عملا ، ثم قال : امض إليه الساعة وطالبه ، فقلت : من يوصلني؟ فقال لي : امض (٥) إلى صافي الحرمي وقل : إنك رسول أنفذك في مهم ، فإذا وصلت فعرّفه ما قلت لك : فجئت فقلت لصافي ذلك : فأوصلني وكان آخر النهار ، فلما مثلت بين يدي الخليفة ظنّ أن أمرا عظيما قد حدث ، وقال : هي قل كأنه متشوف ، فقلت له : إنّي ألي لعبد الحميد قاضي أمير المؤمنين وقوف الحسن بن سهل وفيها ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره ، ولما جئت بمال هذه السنة امتنع من تفرقته إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين ، وقد أنفذني الساعة قاصدا بهذا السبب ، وأمرني أن أقول إنّي حضرت في مهم لأصل قال : فسكت ساعة تفكرا ثم قال : أصاب عبد الحميد ، يا صافي هات الصندوق ، قال : فأحضره صندوقا لطيفا ، فقال : كم يجب لك؟ فقلت : الذي جبيت عام أوّل من ارتفاع هذا العقار (٦) أربعمائة دينار ، قال : كيف حذقك بالنقد والوزن ، قلت : أعرفهما ،
__________________
(١) القائل : أبو بكر الخطيب انظر تاريخ بغداد ١١ / ٦٤.
(٢) عن م وتاريخ بغداد وبالأصل : الحسيني.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : جبيت.
(٤) عن م وتاريخ بغداد ، وبالأصل : الإرقاع.
(٥) بالأصل : امضي ، والمثبت عن م وتاريخ بغداد.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : هذه العقارات.