عن ضيفه فرجعوا عميانا ، قال الله (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ)(١) والطمس ذهاب الأعين فباتوا بشر ليلة عميانا وجعلوا يطلبونه يلتمسون الحيطان وهم لا يبصرون. فقالوا : يا لوط جئتنا بقوم سحرة سحرونا كما أنت تصنع ، وقام الملك فسد الباب واستأذن جبريل ربه تعالى في هلاكهم ، فخرج عليهم فضرب وجوههم بجناحه ضربة طمس أعينهم وأذن الله تعالى له في عقوبتهم فقام في الصورة التي يكون في السماء فنشر جناحيه ، وله جناحان ، وعليه وشاح من در منظوم وهو برّاق الثنايا أجلى الجبين ورأسه حبك حبك مثل المرجان ، وهو لؤلؤ كأنه الثلج ، وقدماه إلى الخضرة ، وقال : يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، امض يا لوط من الباب (٢) ودعني وإياهم فتنحى لوط عن الباب وخرج عليهم فنشر جناحه فضرب به وجوههم ضربة فشدخ أعينهم فصاروا عميانا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم ثم أمر لوط فاحتمل بأهله من ليلته فقال : فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد ، فقال لوط : أهلكوهم الساعة ، فقالوا : إنا لم نؤمر إلا بالصبح ، أليس الصبح بقريب ، فلما أن / كان السحر خرج لوط وأهله معه (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) ، أي قدر الله أنها من الهالكين ، وذلك قوله تعالى : (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)(٣) فيقال : إنها سمعت صوتا فالتفتت فأصابها حجر وهي شاذة من القوم معلوم مكانها قال الله تعالى : (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)(٤).
__________________
(١) القمر : ٥٤ / ٣٧ ، وتمامها : (... فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ).
(٢) «من الباب» ليست في مب.
(٣) القمر : ٥٤ / ٣٥ ـ ٣٦ ، وبداية الآية الأولى : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً ...).
(٤) هود : ١١ / ٨١ (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).