وروي أن إبراهيم خليل الله كان يأتي قوم لوط فيقول : ويحكم أنهاكم عن الله أن تعرضوا لعقوبته فلم تنتهوا. فلما بلغ الكتاب أجله لمحل عذابهم وسطوات الرب عليهم انتهت الملائكة إلى لوط وهو يعمل في أرض له فدعاهم إلى الضيافة ، فقالوا : إنا مضيفوك الليلة ، وكان الله تبارك اسمه عهد إلى جبريل ألا يعذبهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات ؛ فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة ذكر ما يعمل قومه من الشر والدواهي العظام ، فمشى معهم ساعة ثم التفت إليهم فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أشرّ منهم ، إني أذهب بكم إلى قومي وهم أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إلى ميكائيل فقال : احفظ هذه واحدة ، ثم مشى ساعة فلمّا توسط القرية وأشفق عليهم واستحيى منهم ، وقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أشر منهم ، إن قومي أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إلى ميكائيل فقال : احفظ هاتان اثنتان! / فلمّا انتهى إلى باب الدار بكى حياء منهم وشفقة عليهم ، وقال : إن قومي أشر خلق الله أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ، ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية أشر منهم! فقال جبريل لميكائيل ، والملائكة معه : احفظوا هذه ثلاث ؛ قد حق العذاب ، فلما دخلوا ذهبت عجوز السوء فصعدت ولوحت بثوبها فأتاها الفساق يهرعون سراعا ، قالوا : ما عندك؟ قالت : ضيف لوط الليلة ما رأيت قوما أحسن وجوها قط منهم ولا أطيب ريحا. فهرعوا يسارعون إلى الباب فعاجلهم لوط إلى الباب فدافعهم طويلا ، هو داخل وهم خارج يناشدهم الله ويقول : هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ، فردوا عليه فقالوا : لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد. قال : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد. والرسل تسمع ما يقول وما يقال له ويرون ما قد لحقه من الكرب في ذلك ، فلمّا رأوا ما بلغه قالوا : يا لوط إنا رسل ربك إنا ملائكة لن يصلوا إليك بشيء تكرهه. فيقال إن الرسل عند ذلك سفعوا الذين جاؤوا لوطا من قومه يراودونه