فقلنا له : أيها الشيخ رقّ لنا ، وتعطّف علينا ، وارحمنا ، فحرك رأسه وأنشأ يقول (١) :
فتركتني حتى إذا |
|
ما (٢) صرت أبيض كالشّطن |
القيت تطلب وصلنا |
|
في الصيف ضيعت اللبن (٣) |
ثم قال لنا : أتدرون ما قال عمرو بن معدي؟ فقلنا : وما قال؟ فقال : إنه يقول :
إذا لم تستطع أمرا فدعه |
|
وجاوزه إلى ما تستطيع |
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى ، أنا يحيى بن إسماعيل بن يحيى ، أنا أبو حاتم مكي بن عبدان بن بكر (٤) بن مسلم التميمي ، قال : سمعت أبا الأزهر يقول : سمعت عبد الرزّاق يقول : صار معمر هليلجة (٥) في فمي (٦).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور ، أنا أبي أبو العباس ، أنا عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المرّي ، نا محمّد بن سليمان الرّبعي ، نا أبو الحسن محمّد بن الفيض النسائي ، نا إبراهيم بن عبد الله بن همّام قال : سمعت عبد الرزّاق بن همّام يقول : حججت فصرت إلى المدينة لزيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرمت الدخول إلى مالك بن أنس ، فحجبني ثلاثة أيام ، ثم دخلت إليه وهو جالس في فرش خزّ ، فلمّا أن نظرت إليه قلت : حدثني معمر عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«إنّ في جهنّم رحى تطحن جبابرة العلماء طحنا» فقال لي : من أنت أيها الشخص الذي تروي عن معمر؟ قلت : عبد الرزّاق بن همّام ، فقال لي : يا أبا بكر وإنّك لهو؟ والله ، ما علمت بقدومك ، ولو علمت لتلقّيتك ، فأخرج إليّ كتبه ، فكتبت منها ، ورحلت.
__________________
(١) البيتان في تاج العروس بتحقيقنا مادة ضيع ، قالتهما امرأة لزوجها وقد جاء في رواية تاج العروس : أن الأسود بن هرمز طلق امرأته العنود الشنّيّة ، من بني شن ، رغبة عنها إلى امرأة جميلة من قومه ثم جرى بينهما ما أدى إلى المفارقة ، فتتبعت نفسه العنود ، فراسلها ، فأجابته بقولها : البيتان.
(٢) تاج العروس : «علقت أبيض كالشطن».
والشطن : الحبل.
(٣) المثل في جمهرة الأمثال للعسكري ١ / ٥٧٥ قال : ويضرب هذا مثلا للرجل يضيع الأمر ، ثم يريد استدراكه.
وانظر خبره فيه ، وفي الفاخر للمفضل ص ١٨٦ واللسان (صيف).
(٤) كذا نسبه هنا ، انظر ترجمته في تاريخ بغداد ١٣ / ١١٩ وسير أعلام النبلاء ١٥ / ٧٠.
(٥) الهليلج والإهليلج والإهليلجة : عقير من الأدوية.
(٦) نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩ / ٥٦٧.