تحقّق هذين اللوحين وأيّة استحالة في هذا المحو والإثبات حتّى يحتاج إلى التأويل والتكلّف وإن لم تظهر الحكمة فيه لعجز عقولنا عن الإحاطة بها ، مع أنّ الحكم فيه ظاهرة.
منها : أن يظهر للملائكة الكاتبين في اللوح والمطّلعين عليه لطفه تعالى بعباده وإيصالهم في الدنيا إلى ما يستحقّونه فيزدادوا به معرفة.
ومنها : أن يعلم العباد بأخبار الرسل والحجج عليهمالسلام أنّ لأعمالهم الحسنة مثل هذه التأثيرات في صلاح أمورهم ولأعمالهم السيّئة تأثيرات في فسادها فيكون داعيا لهم إلى الخيرات صارفا لهم عن السيّئات ، فظهر أنّ لهذا اللوح تقدّما على اللوح المحفوظ من جهة لصيرورته سببا لحصول بعض الأعمال ، فبذلك انتقش في اللوح المحفوظ حصوله ، فلا يتوهّم أنّه بعد ما كتب في هذا اللوح حصوله فلا فائدة في المحو والإثبات.
ومنها : إنّه إذا أخبر الأنبياء والأوصياء أحيانا من كتاب المحو والإثبات ثمّ أخبروا بخلافه يلزمهم الإذعان به ويكون في ذلك تشديد للتكليف عليهم تسبيبا لمزيد الأجر لهم كما في ساير ما يبتلي الله عباده به من التكاليف الشاقّة وإيرادا لأمور تعجز أكثر العقول عن الإحاطة بها ، وبها يمتاز المسلمون الذين فازوا بدرجات اليقين من الضعفاء الذين ليس لهم قدم راسخ في الدين.
ومنها : أن تكون هذه الأخبار تسلية لقوم من المؤمنين المنتظرين لفرج أولياء الله وغلبة الحقّ وأهله كما روي في قصّة نوح حين أخبر بهلاك القوم ثمّ أخّر ذلك مرارا ، وكما روي في فرج أهل البيت وغلبتهم عليهمالسلام لأنّهم لو كانوا أخبروا الشيعة في أوّل ابتلائهم باستيلاء المخالفين وشدّة محنتهم إنّه ليس فرجهم إلّا بعد ألف سنة أو ألفي سنة ليئسوا ورجعوا عن الدين ولكنّهم أخبروا شيعتهم بتعجيل الفرج وربّما