أخبروهم بأنّه يمكن أن يحصل الفرج في بعض الأزمنة القريبة ليثبتوا على الدين ويثابوا بانتظارهم الفرج.
إلى أن قال : فمعنى قولهم عليهمالسلام : «ما عبد الله بمثل البداء» أنّ الإيمان بالبداء من أعظم العبادات القلبيّة لصعوبته ومعارضته الوساوس الشيطانيّة فيه ، ولكونه إقرارا بأنّ له الخلق والأمر ، وهذا كمال التوحيد ، أو المعنى أنّه من أعظم الأسباب والدواعي لعبادة الربّ تعالى ، وكذا قولهم : «ما عظّم الله بمثل البداء» يحتمل الوجهين ، وإن كان الأوّل فيه أظهر.
وأمّا قول الصادق عليهالسلام : «لو علم الناس ما في القلوب في البداء من الأجر ما افتروا من الكلام فيه» فلما مرّ أيضا من أنّ أكثر مصالح العباد موقوفة على القول بالبداء إذ لو اعتقدوا أنّ كلّ ما قدّر في الأزل فلا بدّ من وقوعه حتما لما دعوا الله في شيء من مطالبهم وما تضرّعوا إليه وما استكانوا لديه ولا خافوا منه ولا رجعوا إليه. إلى غير ذلك ممّا قد أومأنا إليه.
وأمّا إنّ هذه الأمور من جملة الأسباب المقدّرة في الأزل أن يقع الأمر بها لا بدونها فممّا لا تصل إليه عقول أكثر الخلق ، فظهر أنّ هذا اللوح وعلمهم بما يقع فيه من المحو والإثبات أصلح لهم من كلّ شيء.
بقي هاهنا إشكال آخر وهو أنّه يظهر من كثير من الأخبار أنّ البداء لا يقع فيما يصل علمه إلى الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، ويظهر من كثير منها وقوع البداء فيما وصل إليهم أيضا ، ويمكن الجمع بينهما بوجوه :
الأوّل : أن يكون المراد الأخبار الأوّلة وقوع البداء فيما وصل إليهم على سبيل التبليغ بأن يؤمروا بتبليغه فيكون إخبارهم بها من قبل أنفسهم لا على وجه التبليغ.
الثاني : أن يكون المراد بالأوّلة الوحي ويكون ما يخبرون به من جهة الإلهام واطّلاع نفوسهم على الصحف السماويّة ، وهذا قريب من الأوّل.