الثالث : أن تكون الأوّلة محمولة على الغالب فلا ينافي ما وقع على سبيل الندرة.
الرابع : ما أشار إليه الشيخ قدسسره أنّ المراد بالأخبار الأوّلة عدم وصول الخبر إليهم وإخبارهم على الحتم فيكون إخبارهم على قسمين :
أحدهما : ما أوحي إليهم أنّه من الأمور المحتومة فهم يخبرون كذلك ولا بداء فيه.
وثانيهما : ما يوحى إليهم لا على هذا الوجه فهم يخبرون كذلك وربّما أشعروا أيضا باحتمال وقوع البداء فيه ما قال أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الإخبار بالسبعين : ويحموا الله ما يشاء ، وهذا وجه قريب.
الخامس : أن يكون المراد بالأخبار الأوّلة أنّهم لا يخبرون بشيء لا يظهر وجه الحكمة فيه على الخلق لئلّا يوجب تكذيبهم بل لو أخبروا بشيء من ذلك يظهر وجه الصدق فيما أخبروا به كخبر عيسى والنبيّ عليهماالسلام حيث ظهرت الحيّة دالّة على صدق مقالهما.
بيان الصدوق رحمهالله للبداء :
قال قدسسره في كتاب التوحيد : ليس البداء كما تقوله جهّال الناس بأنّه بداء ندامة ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ، ولكن يجب علينا أن نقرّ لله عزوجل بأنّ له البداء أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثمّ يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره ، أو يأمر بأمر ثمّ ينهى عن مثله ، أو ينهى عن شيء ثمّ يأمر بمثل ما نهى عنه ، وذلك مثل نسخ الشرايع وتحويل القبلة ، وعدّة المتوفّى عنها زوجها ، ولا يأمر الله عباده بأمر في وقت مّا إلّا ويعلم أنّ الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك ، ويعلم في وقت آخر أنّ الصلاح لهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به فإذا كان ذاك الوقت