أمرهم بما يصلحهم ؛ فمن أقرّ لله عزوجل بأنّ له أن يفعل ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ويخلق مكانه ما يشاء ويقدّر ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ويأمر بما يشاء كيف يشاء فقد أقرّ بالبداء ، وما عظّم الله بشيء أفضل من الإقرار بأنّ له الخلق والأمر والتقديم والتأخير وإثبات ما لم يكن ومحو ما قد كان.
والبداء هو ردّ على اليهود لأنّهم قالوا إنّ الله قد فرغ من الأمر ، فقلنا : إنّ الله كلّ يوم هو في شأن ، يحيي ويميت ، ويرزق ويفعل ما يشاء ، والبداء ليس من ندامة وإنّما ظهور أمر تقول العرب بدا لي شخص في طريقي أي ظهر ، وقال الله عزوجل : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)(١) أي ظهر لهم ، ومتى ظهر لله تعالى من بعد صلة رحم زاد في عمره ، ومتى ظهر له قطيعة رحم نقص من عمره ، ومتى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له منه التعفّف من الزنا زاد في رزقه وعمره ، ومن ذلك قول الصادق عليهالسلام : «ما بدا لله كما بدا في إسماعيل ابني» أي ما ظهر له كما ظهر في إسماعيل إذا اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي.
بيان السيّد علم الهدى للبداء :
قال السيّد المرتضى علم الهدى قدسسره في جواب مسائل أهل الري : المراد بالبداء النسخ ، وادّعى أنّه ليس بخارج عن معناه اللغويّ.
بيان الشيخ الطوسي للبداء :
قال قدسسره في كتاب الغيبة بعد إيراد الأخبار المشتملة على البداء في قيام القائم عليهالسلام : الوجه في هذه الأخبار ـ إن صحّت ـ أنّه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقّت هذا
__________________
(١) الزمر : ٤٧.