وربّ مشهور لا أصل له ، وسبب اشتهاره بذلك أنّه نسب نفسه إلى الأفغان في مصر وخلافها لا إلى إيران تعمية للأمر ، ولو لا ذلك لما سمّي بحكيم الإسلام وفيلسوف الشرق ، ولا كانت له هذه الشهرة الواسعة ، ولا أنزله الصدر الأعظم علي باشا في استانبول منزلة الكرامة ، ولا أقبل بما عليه لم يسبق لمثله ، ولا عظّمه الوزراء والأمراء ، ولا عيّن عضوا في مجلس المعارف ، ولا أجرت له حكومة مصر ألف قرش مصري مشاهرة ، ولا عكف عليه الطلبة للتدريس في مصر ، ولا تمكّن الشيخ محمّد عبده أن يصاحبه ويأخذ عنه ويتخذه مرشدا وصديقا حميما إلى غير ذلك.
ومن هنا يلزم أن لا يعتمد على المشهورات دينيّة كانت أو عادية قبل البحث والتنقيب والتحقيق والتمحيص ، خصوصا ما يوافق الميول المذهبيّة والعقائد الخاصّة ، وما لفّقه تلميذه الشيخ محمّد عبده المشهور في صدر رسالة المترجم في الردّ على الدهريّة من أنّ السيّد جمال الدين أفغانيّ حنفيّ ومن بيت عظيم في بلاد أفغان لا نصيب له من الصحّة ؛ فإنّ الظاهر أنّ جمال الدين كان يملي هذه القصص على تلميذه الشيخ محمّد عبده مبالغة في تعمية الأمر عليه فإنّه إيرانيّ أسد آباديّ همدانيّ لا أفغانيّ ولا كابليّ ، بل لعلّه لم ير بلاد الأفغان ولا كابل في عمره ، وعشيرته في أسد آباد حتّى اليوم.
وقال السيّد صالح الشهرستاني فيما كتبه في مجلّة العرفان المجلّد ٤ : لا يزال يوجد في أسد آباد من أفراد بيته وأولاد وأعمام وعمّات وأخوان وأخوات السيّد جمال الدين ما ينيف على خمسين نسمة بين ذكر وأنثى ، ومنهم أحد أحفاد أخي السيّد جمال الدين وهو السيّد محمود ابن السيّد كمال ابن السيّد مسيح المتوفّى سنة ألف وثلاثمائة أخي السيّد جمال الدين ابن السيّد صفدر وهو مدرّس مدرسة القرية سنة ١٣٠١.