وقال في مجلّة العرفان أنّ السيّد صفدر والد السيّد جمال الدين جاء إلى طهران مع ولده جمال الدين أوائل عام ألف ومأتين وستّة وستّين وبعد ما مكثا فيها ما يزيد على خمسة أشهر سافرا إلى العراق ودخلا النجف في عصر الشيخ مرتضى الأنصاري فاعتنى الأنصاري بجمال الدين وبقي السيّد صفدر في النجف مدّة شهرين ثمّ عاد إلى أسد آباد وبقي جمال الدين في النجف أربع سنوات درس في السنتين الأوليّين منها العلوم الأوليّه والمتوسّطة من دينيّة وعربيّة ، وفي السنتين الآخريين العلوم العالية من التفسير والحديث والفقه والأصول والكلام والمنطق والحكمة الالهيّة والرياضيّات والطبيعيّات ومقدّمات الطبّ والتشريح والهيأة والنجوم وغيرها ، فلمّا مضى اربع سنين سافر إلى بمبئي فجعلوه في صف نوابغ الحكماء ولم يتجاوز عمره خمسة عشر ، فصار أمير الخطباء وداهية من أعظم الدهاة ، دامغ الحجّة ، قاطع البرهان ، ثبت الجنان ، متوقّد العزم ، شديد المهابة ، كان في ناسوته أسرار المغناطيسيّة فلهذا كان المنهاج الذي نهجه عظيما ، وكانت سيرته كبيرة ، فبلغ من علوّ المنزلة في المسلمين ما قلّ أن يبلغ مثله سواه ، وكان سائحا جوّالا ، طاف العالم الإسلامي قطرا قطرا ، وجال غربي أروبا بلدا بلدا ، فاكتسب من هذه السياحات الكبرى ومن الاطّلاع العميق والتبحّر الواسع في سير العالم والأمم علما راسخا واكتنه أسرارا خفيّة ، واستبطن غوامض كثيرة فأعانه ذلك عونا كبيرا على القيام بجلائل الأعمال التي قام بها.
وكان جمال الدين بعامل سجيّته وطبعه وخلقه داعيا مسلما كبيرا ، وكأنّه على وفور استعداده ومواهبه إنّما خلقه الله في المسلمين لنشر الدعوة فحسب ، فانقادت له نفوسهم وطافت متعاقدة من حوله قلوبهم ، فليس هناك في قطر من الأقطار الإسلاميّة وطأت أرضه قدما جمال الدين إلّا وكانت فيه ثورة فكريّة اجتماعيّة لا تخبو نارها ولا يبير أوارها.